رفع أسعار بذار القمح في مناطق قسد: عبء جديد يثقل كاهل فلاحي دير الزور

ديرالزور - من الإنترنت

يرى معظم مزارعي القمح في دير الزور والمناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة قسد والإدارة الذاتية في شمال شرق سورية أن رفع أسعار البذار، التي توزّعها هيئة الزراعة التابعة للإدارة، وقبله، رفع أسعار الوقود، شكّل عبئًا إضافيًا،  قد يدفعهم إلى التوقف عن زراعة القمح والبحث عن محاصيل بديلة.

في الأيام الأخيرة، بدأت المؤسسة العامة لإكثار البذار في الإدارة الذاتية، إجراءات توزيع بذار القمح المغربل والمعقم على الفلاحين. وبحسب تصريحات مسؤوليها، جهّزت المؤسسة (60) ألف طن من بذار القمح لتوزيعها على المزارعين بسعر (225) دولارًا أمريكياً للطن، على ألا تزيد كميّة البذار المخصصة لكل مزارع على 5 أطنان. ومع ارتفاع سعر البذار وافتقار المنظومة الزراعية القائمة في المنطقة لآلية إقراض أو تسهيلات تسمح بتسديد ثمن البذار في وقت لاحق، يضطر الفلاحون إلى السوق والتجار لشراء بذار أرخص وبجودة أقل.

لا تقتصر العقبات التي تعيق زراعة القمح على مسألة البذار، ففي المواسم السابقة ظهرت تحديات أخرى في جميع مراحل الزراعة بدءًا بالبذار وانتهاء بالتسويق. ورغم أن بعض القرارات والإجراءات التي اتخذتها هيئة الزراعة كانت تهدف إلى تطوير زراعة القمح، إلا أن تطبيقها على أرض الواقع لم يسهم في تحقيق هذا الهدف. ويؤكد كثير من الفلاحين في دير الزور، أن التجاوزات والعقبات التي ظهرت خلال تنفيذ هذه الإجراءات في المواسم السابقة تمثّل المشكلة الحقيقية؛ خصوصاً من ناحية عدم حصول الفلاحين أو معظمهم، على الدعم المخصص للزراعة، إما بشكل كامل أو جزئي؛ وذلك فيما يتعلق بالمحروقات والأسمدة وأكياس الخيش التي توزع عبر شركة التطوير الزراعي التابعة للإدارة الذاتية، ما يضطرهم إلى شراء هذه المواد من السوق بأسعار مرتفعة، ويزيد من تكاليف الإنتاج.

يقول بعض الفلاحين أنهم استلموا (1-3) دفعات فقط من أصل (5) دفعات من المازوت المخصص للزراعة عبر الشركة، بسعر (1150) ل.س ناهيك عن ذلك، فأن كمية المحروقات الزراعية في الدفعة الواحدة تكفي فقط لسقاية (40-60) % من مساحة الأراضي المزروعة في أحسن الأحوال. لذا يضطر المزارعون للجوء إلى السوق السوداء لسد العجز في احتياجاتهم من المازوت حيث يبلغ سعر اللتر (4600-4800) ل.س. وينطبق الأمر نفسه على الأسمدة وأكياس الخيش. ومن الجدير ذكره أن الإدارة الذاتية رفعت أسعار المحروقات في شهر تموز الفائت، وأصبح سعر اللتر الواحد من المازوت المخفض والمخصص للزراعة (1570) ل.س.

فضلاً عن رفع أسعار البذار والوقود، تقع على عاتق الفلاحين أعباء إضافية تشمل تأمين المبيدات والأدوية الزراعية، وتكاليف حراثة الأرض، وحصاد المحصول، وتعبئته، وتحميله، وتسويقه، مما يزيد من تكاليف الانتاج، حيث تصل تكلفة زراعة وحصاد الهكتار الواحد من القمح في دير الزور إلى (1900-2250) دولار أمريكي، يضاف إليها تكاليف تسويق المحصول، التي ارتفعت بدورها من (200-300) دولار أمريكي موسم 2022-2023 إلى (700) دولار أمريكي موسم 2023-2024، ويعود ذلك إلى سياسات الإدارة الذاتية التي لم تحدد أجور الشحن أثناء توريد القمح، والإجراءات التي تفرضها هيئة الزراعة  للحصول على تأشيرة نقل المحصول، إضافة إلى فترات الانتظار الطويلة أمام مراكز التسليم، مما جعل المزارعين عرضة لاستغلال أصحاب الشاحنات.

وبالنظر إلى هوامش تسعير القمح الذي اشترته الإدارة الذاتية من الفلاحين في الموسم الأخير والمواسم السابقة، وكذلك ضعف إنتاجية الأراضي الزراعية، بسبب التغيرات المناخية والجفاف واستنزاف المياه الجوفية وانخفاض منسوب نهر الفرات. إذ يتراوح متوسط إنتاج الدونم الواحد (225-275) كغ للقمح المروي و(70-105) كغ للقمح البعلي. فإن زراعة القمح أصبحت غير مجدية اقتصادياً بالنسبة للفلاحين، بسبب الفجوة الكبيرة بين تكاليف الإنتاج والمردود المادي للمحصول، وقد أسهم قرار رفع أسعار البذار، وقبله أسعار المازوت، في توسيع هذه الفجوة، مما يلحق الخسائر بالفلاحين، ويدفع بعضهم إلى التوقف عن زراعة القمح والبحث عن محاصيل بديلة

سيؤدي عزوف بعض الفلاحين عن زراعة القمح هذا الموسم إلى انخفاض الانتاج، مما سينعكس سلبًا على القطاع الزراعي كله، وعلى الاقتصاد المحلي بالعموم، ويهدد الأمن الغذائي للمنطقة في المدى المتوسط والبعيد.