- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
لم تعد رأس العين تزرع.. وخبزها يعتمد على المعونات
بالرغم من ارتفاع السعر الذي حددته "الحكومة المؤقتة" لشراء القمح، بالمقارنة مع أسعاره لدى "الإدارة الذاتية" والنظام، فإن ذلك لم يحفز الفلاحين في منطقة رأس العين لزيادة مساحاتهم المزروعة للعام الزراعي الجديد.
حسب "المؤسسة العامة للحبوب" التابعة للحكومة المؤقتة، فقد بلغ سعر طن القمح بحده الأقصى 325 دولاراً، ومكافأة 10 دولار للطن الواحد، في الموسم المنصرم، لكن ذلك لم ينجح في جذب الفلاحين للزراعة، إذ يمتنع الكثير منهم عن زراعة أراضيهم نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات والأسمدة والبذور وغيرها من مستلزمات الزراعة.
يقول "عبد" صاحب أرض زراعية غربي رأس العين لعين المدينة، أنه يمتلك 300 دونم زراعية، وأنه لا ينوي زراعتها لعدم امتلاكه المال الكافي لذلك، كما يقلل من جدوى الزراعة البعلية بسبب شح الأمطار في الموسم الماضي.
ويضيف "الموسم الماضي بعت سيارتي مشان بذار الأرض، بس ما قدرت أسقيها، واعتمدت ع المطر. وقت الحصاد إذا انت شلت شي أنا شلت".
نمت الحشائش في أرض عبد بعد الموسم الأخير، فاضطر إلى تضمينها لراعي أغنام مقابل 1500 ليرة سورية للدونم الواحد، أما بالنسبة إلى المواسم الصيفية كالقطن، يذكر عبد أنه وجميع من يعرف تخلوا عنها منذ سنوات، بسبب حاجة محاصيلها لمياه كثيرة، وهو ما لم يعد أحد يستطيع تأمينها، كما يوضح.
ويشهد القطاع الزراعي في منطقة رأس العين تراجع كبير في كميات الإنتاج بالمقارنة بالسنوات السابقة، وربما يصل التراجع إلى مرحلة خطر انعدام الزراعة في المنطقة.
يذكر أحد موظفي مركز الحبوب المعتمد من المؤسسة العامة للحبوب التابعة للحكومة المؤقتة في منطقة رأس العين، أن المساحة المزروعة في الموسم الفائت قدرت بحوالي 40000 دونم، وقدر الإنتاج بحدود 8000 طن، استلمت المؤسسة العامة للحبوب في المدينة منها 300 طن تقريباً، والباقي احتفظ به الفلاحون للبذار.
ويتابع أن المساحة الصالحة للزراعة في منطقة رأس العين الواقعة ضمن منطقة "نبع السلام" 900000 دونم، المروية منها تقدر بحوالي 300000 دونم، والبعل 600000 دونم.
وكان الإنتاج في السنوات السابقة يقدر بين 150 إلى 200 ألف طن من الأراضي البعل، و بحدود 300 ألف طن للأراضي المروية.
أحد موظفي المجلس المحلي في فرن رأس العين، يشرح لعين المدينة أن حاجة سكان المنطقة اليومية من الطحين تقدر بحوالي 30 طن، تقدمها عادة إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد)، وأحياناً منظمات أغاثية منها هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات التركية (IHH)، نظراً إلى كون كمية القمح المسوقة لا تغطي حاجة رأس العين لأكثر من عشرة أيام.
يتابع الموظف في مركز الحبوب القول "يجب أن تكون الغاية دعم الزراعة وليس المساعدات"؛ وعن أسباب قلة الإنتاج يذكر لعين المدينة أن أهمها "كون أنواع البذور الموجودة أصبحت قليلة الإنتاج نتيجة الاستخدام المتكرر لها، ونقص المبيدات وارتفاع أسعارها، وفقدان الأسمدة نهائياً بسبب الخوف من استخدامها في صنع المتفجرات، وارتفاع أسعار المحروقات، وعدم ثبات أسعار صرف الليرة السورية بين عمليات شراء البذور بالدولار وبيع الإنتاج بالليرة السورية".
كحلول بديلة، يلجأ الفلاحون إلى تركيب ألواح الطاقة الشمسية بسبب ارتفاع أسعار المحروقات "الديزل" وانقطاع الكهرباء عن المنطقة، إلا أنها لا تفي بالغرض.
يقول أبو موسى أن كلفة ألواح الطاقة الشمسية التي اشتراها لتغطي 100 دونم من الأرض بلغت 6000 دولار، اضطر لكي يتدبر ثمنها إلى بيع محرك الديزل الذي يملكه، إضافة إلى مضخة المياه الزراعية، ويستدرك "للعصر المي توقف بسبب غياب الشمس" لذلك لم يستطع سوى زراعة 10 دونم من أرضه، بينما كانت نيته عندما اشترى الألواح الشمسية زراعة 60 دونم، كان محرك الديزل الذي باعه يغطي ضعفها.
ويلاحظ أبو موسى أن 10 دونم استغرقت قرابة 20 يوماً لسقايتها، بسبب تشقق الأرض وعطشها من قلة السقاية، بينما كانت تستغرق نفس المساحة نصف يوم فقط باستعمال محرك الديزل.
ويعود عدم توفر مادة الديزل "المازوت" إلى الحصار المفروض من قبل قوات سوريا الديمقراطية "قسد" على منطقة نبع السلام، ودخوله من خلال عمليات التهريب وفرض الفصائل من الجيش الوطني إتاوات على التجار والمهربين، مما يؤدي إلى ارتفاع سعره بشكل كبير.