- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
العراقيون.. نازحو داعش المدللون في دير الزور
في الأيام الماضية حذر تنظيم داعش الأهالي في بلدات أبو حمام والكشكية وغرانيج وهجين وغيرها من الإساءة إلى النازحين العراقيين، ودعاهم إلى اللجوء إلى الحسبة لحل أي مشكلة أو شجار معهم.
بسبب معارك داعش والقوات العراقية شهدت مناطق الرقة ودير الزور حركة نزوح غير مسبوقة، خاصة بعد انطلاق معركة الموصل منذ حوالي 5 أشهر. مدينة البوكمال ومدينة الميادين وقرى الريف الشرقي كان لها النصيب الأكبر من اللاجئين بسبب قربها من الحدود العراقية وبُعدها عن اي مناطق اشتباكات. لا توجد إحصائية دقيقة لعدد اللاجئين العراقيين، لكنه يقدر بحوالي 200 ألف نسمة وفق مصادر محلية. ويُصنفون، بحسب أهالي دير الزور، إلى قسمين: الأول ناس بسطاء مغلوبون على أمرهم هربوا من ويلات الحروب، والثاني أنصار لداعش ومصيرهم مرتبط بمصير التنظيم، أغلبهم يخفي تأييده له والباقي معلن ومستقو بعناصره.
يتحتم على التنظيم تأمين مساكن وبيوت لأغلب النازحين، خاصة للمناصرين، فاستولى عناصره على كل البيوت التي يقيم أصحابها خارج نطاق سيطرته وأعطاها لعناصره وللعائلات العراقية. يقول محمد، وهو من مدينة الميادين: «ذهب أحد أبناء عمي في زيارة إلى بيت أهله لليلة واحدة، وعند عودته وجد عائلة عراقية في منزله. وبعد أيام من مراجعة ديوان المظالم وافقوا على إعادته له». وحدثت قصة مشابهة في بلدة السوسة بريف البوكمال عندما ذهبت عائلة في زيارة لعدة أيام عند أقربائها في مدينة البوكمال، ليفاجأوا عند عودتهم أن منزلهم مسكون من قبل عائلة عراقية وبيتهم مكتوب عليه «ملاك للدولة الإسلامية». يقول أبو محمد، أحد أبناء بلدة أبو حمام: «تزايدت أعداد العوائل العراقية في الشعيطات، وأغلبهم مناصرون لداعش، حتى أصبح عددهم يضاهي عدد أبناء المنطقة، لأن أكثر من 60% من ساكني مناطق الشعيطات نزحوا، ومعظم بيوتها خالية».
ورغم ذلك لا تسلم الكثير من العوائل النازحة من بطش التنظيم وملاحقة الأمنيين، حالهم حال أبناء المنطقة. وهناك فروق اجتماعية بين المناصرين والناس العاديين الذين تعج السجون بهم، فللمناصرين امتيازات ومعاملة خاصة تتجلى في اهتمام داعش بهم من جهة تأمين المساكن والدخل والمعيشة. وتحدث بعض المشاكل بين النازحين وأهالي المنطقة أحياناً، مثل عدة حالات كسر أبواب البيوت واستملاكها إلى درجة كسر باب أحد المنازل وأهله داخله في إحدى المرات التي انتهت بطرد المعتدين وتوبيخهم. وفي حادث سيرٍ دهس أحد أبناء الكشكية، وهو الأستاذ حميد الإسماعيل الكحيلات، بسيارته طفلة عراقية مما أدى إلى مقتلها، ففرض عليه دفع ثمن 100 ناقة (وهي دية الإسلام كما قال القاضي الشرعي)، لكنها خففت بعد عدة جلسات محاكمة إلى 14 مليون ليرة سورية (30 ألف دولار). الجدير بالذكر أن حادثة دهس أحد العناصر العراقيين طفلاً من أبناء الشعيطات، يبلغ من العمر 13 عاماً، مرت دون محاسبة السائق الذي لم يتوقف حتى لإسعاف الطفل. حوادث ومشاكل كثيرة مشابهة زادت من نقمة الأهالي على اللاجئين وعناصر التنظيم. يقول أحمد، وهو أستاذ مدرسة: «هناك علاقة اجتماعية قوية بين عدد من العوائل العراقية النازحة المناصرة «للدولة» وعوائل الأنصار. وهناك مخاوف، مع ازدياد التدفق، من تغيير أشبه بالديموغرافي للتركيبة السكانية».
بينما تحاول العوائل العراقية النازحة، ممن تصنف كضحايا داعش والقوات العراقية والحشد الشعبي، الهروب إلى خارج مناطق سيطرة التنظيم، لكن الضعف المادي والتشديد الأمني حالا دون بلوغهم غايتهم. أبو مسعود، أحد أبناء مدينة الموصل، موظف حكومي متقاعد اضطر إلى النزوح إلى البوكمال مع انطلاق معارك تحرير الموصل، وبعدها حاول السفر إلى تركيا لكن التنظيم تمكن من إلقاء القبض عليه وإعادته واعتقال اثنين من أبنائه وتعذيبهم لعدة أيام ثم الإفراج عنهم بعد دفع غرامة قدرها 800 دولار. وبعد فترة قصيرة نجح أبو مسعود في الخروج من أراضي التنظيم، ويروي لنا قائلاً: «فوق ضيم الحشد الشعبي اعتقلوا أخوي وأبناءه بتهمة أنو داعشي؛ كملتها داعش وذبحوا ابني البكر بتهمة الردة بس لأنه كان مسجل تا ينتسب عالشرطة قبل سيطرتهم عالموصل. إحنا شعب منحوس، ما نريد المعونة غير من الله».
كانت علاقة أهالي المناطق الشرقية من سوريا والشعب العراقي علاقة وطيدة بسبب تقارب العادات والتقاليد واللهجة، إضافة إلى التعاطف مع العراق وخصوصاً بعد الاحتلال الأمريكي. لكن داعش خلقت فجوة كبيرة في الوقت الحالي، بتسلط عناصرها وظلمهم لأهالي المناطق الشرقية السورية.