أثناء توزيع السلال الغذائية | دير الزور | عدسة سامر
من دون أيّ خبراتٍ سابقة، نجح الناشطون الإغاثيون في تنظيم أنفسهم في منظّماتٍ مختصّة، تلعب اليوم دوراً كبيراً في تأمين الاحتياجات الأساسية للسكان في الجزء المحرّر من مدينة دير الزور.
مثله مثل أيّ نشاط ٍعامّ، كان العمل الإغاثيّ قبل الثورة شبه محظور، قد يعرّض صاحبه لملاحقة الأجهزة الأمنية. فلم يسجّل في دير الزور وقتئذٍ أيّ حضورٍ جديٍّ لمنظمةٍ أو لجمعيةٍ خيرية. ومع اندلاع الثورة وسقوط أوائل الشهداء ظهرت الملامح الأولى للعمل الإغاثيّ، إذ تطوّع بعض الناشطين للقيام بشيءٍ ما لمواساة ذوي الشهداء. تطوّر العمل الإغاثي خطوةً أخرى في شتاء عام 2012، مع نزوح مئات العوائل من مدينة حمص إلى دير الزور، وقيام النشطاء بتأمين ما يلزم من بيوتٍ وأغطيةٍ وأثاثٍ وسلالٍ غذائية، وتوفير فرص عملٍ لمن أراد، وغير ذلك من احتياجات العوائل الوافدة. وشكل أهالي دير الزور المتعاطفون مع نازحي حمص الداعم الرئيسيّ لأعمال الناشطين الإغاثيين. ليتحول هؤلاء السكان أنفسهم، وبعد أشهرٍ قليلة، إلى منكوبين ومستحقي إغاثةٍ ابتداءً من حزيران عام 2012، عندما بدأت عمليات القصف العشوائية لقوات الأسد على الأحياء السكنية في الأجزاء المحرّرة من المدينة. التي نزح معظم سكانها عن بيوتهم إلى محافظات الرقة والحسكة، وإلى ريف دير الزور المحرّر بمعظمه آنذاك، أو إلى حيّي الجورة والقصور في الجزء المحتلّ من المدينة.
بـــعــد اشـتعال المعــــــارك على مــــــختـلف جبهات القتال داخل ديرالزور تعطلت عجلة الحياة اليومية، مما دفع ببعض الناشــــطين إلى تأسيس منظـــــمة روافـــد الإغاثية، بالتعاون مع جهاتٍ وشخصياتٍ داعمةٍ في الخارج. وتطوّر عمل روافد شيئاً فشيئاً، لتصبح اليوم واحدةً من أبرز المنظمات الإغاثية في دير الزور. ورغم كلّ الانتقادات التي توجه إلى طريقة عمل هذه المنظمة، ولكن يسجل لها استمرارها في النشاط في الأوقات الحرجة، وخاصةً أثناء حملة الحرس الجمهوري في بداية الشهر 11 من عام 2012، وأثناء حصار المدينة الذي امتدّ لأشهرٍ عدّة، حين تمكن ناشطو روافد
من تأمين الطــــحين لتــشغيل الأفـــران.
وإلى جانب روافد برز اسم هيئة شام الإسلامية في الأشهر الاخيرة. ويفسّر البعض ذلك بأن حيّ العرضي الذي يغطيه نشاط (شام) حيٌّ صغير، مما يعني فرص نجاحٍ أكبر لهذه المنظمة. وتذكر بين المنظمات التي برزت في وقتٍ من الأوقات داخل المدينة أيضاً منظمة عطاء الإغاثية، التي نفذت بعض الأعمال الهامة مثل دعم بعض المدارس وتوزيع معوناتٍ ماليةٍ لأيتام الشهداء، بالتعاون مع المجلس المحليّ للمدينة. ويشهد الناشطون لكلٍّ من (نماء؛ إحسان؛ أبناء الفرات العظيم؛ أنصار الحق) بأنها منظماتٌ ناجحة، رغم توقف نشاط بعضها أو تذبذب هذا النشاط بحسب الظروف. وهي ظروفٌ صعبةٌ في معظم الأحوال، تحكمها عوامل جديةٌ مثل استمرار التمويل ومخاطر الطريق وتغير المعطيات من يومٍ إلى آخر، وبشكلٍ كبير.
دور المجلس المحليّ
يحرص النشطاء على تحديث بياناتهم الإحصائية باســـــتمرار. وبحســــب هؤلاء الناشطين، ازداد عدد سكان المدينة مع عودة كثيرٍ من النازحين إلى بيوتهم، ليبلغ 40 ألف شخصٍ حالياً.
ويبذل مجـلس مــــدينة دير الزور المحليّ جهوداً كبيرةً لتنسيق العمل بين مختلف المنظمات الإغاثية. وقد قام بإجراء إحصاءٍ تفصيليٍّ شاملٍ لجمـــــيع ساكني المدينة، وحدّد المناطــــق التي لم يغطّها عمل أيٍّ من المنظمات، مثل بعض الأجـــــزاء في أحياء الحــــميدية وخسارات والمطار القـــــديم. وتكفل المــــجلس بالعمل في الأحياء التي يتوقف فيها عمل بعض المنظمات. وهو ينتظر من المنظمات الكبيرة ذات الملاءة المادية العالية إبداء قدرٍ أكبر
من التعاون معه، وخاصــــةً مع استطاعة بعضها تغطية المناطق الإغاثية خارج نطاق عملها المحدّد.