سألت "عين المدينة" قادةً وشخصياتٍ عسكريةً من أبناء محافظة دير الزور، في مواقع انتشارهم المختلفة، عن العوائق أمام مشروع جسمٍ عسكريٍّ قادرٍ على أخذ زمام المباردة في معركة تحرير دير الزور من "داعش" ثم من النظام. اتفقت الأجوبة على أن تعدّد الدول الداعمة واختلاف أهدافها وطرائق عملها سببٌ رئيسيٌّ للفرقة والتشتت. وأبدى الجميع استعدادهم للتخلي عن انتمائهم الفصائليّ الحاليّ، وعن أيّ منصبٍ، لصالح الوحدة. نعرض فيما يلي أبرز ما قالوه، على أن ننشر في الأعداد القادمة لقاءاتٍ طويلةً مع كلٍّ منهم.
نبذل كلّ ما نستطيع من أجل الوحدة وبناء جيشٍ لدير الزور. وأنا ومن معي من أبناء المحافظة سنكون أوّل من يتخلى عن الفصيل الذي ننتمي إليه الآن –جيش الإسلام- في سبيل ذلك. لم تبدِ أيّ دولةٍ اهتماماً بتوحيد أبناء دير الزور لقتال داعش. ولا يمكن أن ننخرط في أيّ مشروعٍ غامضٍ ولا يلبي مصالح الثورة. سمعت بجيش سوريا الجديد من الإعلام ولنا مآخذ عليه، إذ لا يمكن لنا أن نقاتل في أرضٍ صحراويةٍ نجهلها ولا نسيطر على خطوط الإمداد فيها، لكننا نتمنى لإخوتنا في هذا الجيش التوفيق، فنحن مع كلّ من يقاتل "داعش" ويقاتل النظام ولا يفرّط في أهداف الثورة. نقاتل اليوم في إدلب وحلب، ونحن جزءٌ من خطة تركيا لطرد "داعش" من ريف حلب، ونتمنى أن يبدأ العمل بها وتنجح لتكون هذه الأرض المحرّرة منطلقاً لعملياتنا ضدّ التنظيم. سليّم الخالد (أبو محمد): قائد مقاتلي دير الزور في جيش الإسلام، والقائد السابق للواء جعفر الطيار ثم لجيش الإسلام في المنطقة الشرقية.
تلعب الدول والأطراف والشخصيات الداعمة (أحمد الجربا مثالاً) دوراً سلبياً في مشروع جيشٍ حرٍّ موحّدٍ للمحافظة، وهي العائق الرئيسيّ أمام هذا المشروع. وكذلك التنافس الفصائليّ والعشائريّ والمناطقيّ، وإن كان الآن في أدنى درجاته، إلا أنه ما زال يترك آثاراً سيئة تشكل عائقاً إضافياً أمام الوحدة. لقد تعلم المقاتلون من الدرس المؤلم في دير الزور أكثر مما تعلم القادة، إذ ما تزال نوازع السيطرة والتنافس، حتى داخل الفصائل والتشكيلات الواحدة التي ينتمون إليها اليوم، مؤثرةً في سلوك البعض، ولدينا في تفرّق الديريين تحت قياداتٍ مختلفةٍ في أحرار الشام مثالٌ على هذا. أما المشاريع المطروحة حالياً فلم ننخرط في أيٍّ منها. لسنا جزءاً من جيش سوريا الجديد لكننا نؤيدهم ونتمنى لهم التوفيق وسنقاتل إلى جانبهم حتماً، فكلّ حربٍ ضدّ "داعش" وضدّ النظام هي حربنا. نحن نقاتل في القلمون الشرقيّ كلاً من النظام و"داعش"، وقلنا لمقاتلي القلمون إننا لن نسمح بأيّ وجودٍ للتنظيم هناك. هزمنا "داعش" في معارك كثيرةٍ وتقدّمنا في البادية باتجاه دير الزور، لكننا تراجعنا لاحقاً أمام قوّةٍ ضخمةٍ لهم ونحن بلا إسنادٍ ولا تذخيرٍ ولا تجهيزٍ كافٍ. لم نشعر حتى الآن أن دولةً بعينها متحمسةٌ بالفعل لمساعدتنا على قتال "داعش". طلاس السلامة (أبو فيصل): قائد أسود الشرقية في القلمون الشرقيّ، والقائد السابق للواء بشائر النصر ثم لتجمّع مجلس شورى المجاهدين حين تشكله لقتال "داعش" في دير الزور.
من طرف المقاتلين لا يوجد أيّ عائقٍ أو مشكلةٌ جوهريةٌ أمام الوحدة، لكن تعدّد الأطراف الداعمة واختلاف برامجها ونواياها وأهدافها، وكذلك تردّدها، هي الأسباب التي تؤخّر بناء جسمٍ عسكريٍّ واحدٍ لدير الزور. ولا يمكننا تحرير المحافظة من داعش ثم من النظام دون أن نكون في جيشٍ واحدٍ منظمٍ ومنضبطٍ يرفع علم الثورة فقط. نحن مستعدون للتخلي عن أيّ اسمٍ أو عملٍ حاليٍّ لصالح هذا الجيش، فلقد تعلمنا من الدرس القاسي أمام "داعش" في دير الزور، ولن نخطئ مرّةً أخرى. نحن نؤيد كلّ من يقاتل "داعش" والنظام. لسنا جزءاً من "قوّات سوريا الديمقراطية" بالرغم من تمركز مقاتلينا في تل أبيض، فنحن موجودون هناك بإرادةٍ دولية. مهيدي الجعيلة (أبو صالح الشعيطي): قائد القوّة 56 (جاري العمل على تشكيلٍ جديد)، والقائد السابق للواء الحمزة.
تعدّد الداعمين وابتعاد النخب المثقفة صاحبة الفكر عن العمل العسكريّ وتنافس القادة هي الأسباب وراء تأخر توحيد مقاتلي دير الزور. هناك عشرة أشخاصٍ فقط لو اتفقوا لجمعوا أبناء المحافظة كلهم في مشروعٍ واحد. نأخذ على جيش سوريا الجديد استثناءه لقطاعاتٍ واسعةٍ من المقاتلين، بل إن بعض من أرادوا الالتحاق به أعيدوا من الأردن بسبب الشروط الأمريكية الصعبة. جيشٌ يبنى بانتقائيةٍ، مثل ما هو حاصلٌ الآن، لن ينجح حتماً في تحرير دير الزور. وبالرغم من الظروف الحالية السيئة التي يعاني منها الجميع فأنا متفائلٌ لأننا، على الأقلّ، بدأنا نتعلم من أخطائنا السابقة. الملازم أول إسماعيل العبد الله (أبو إسحق): القائد السابق للواء الأحواز، وقائدٌ حاليٌّ لمجموعةٍ من أبناء دير الزور في حركة أحرار الشام.