- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
لشمانيا وحصبة وغيلان باريه وخشية من شلل الأطفالوطبيب واحد لكل (20) ألف نسمة في الجزء الخاضع لسيطرة «قسد» بدير الزور
يعاني السكان في الجزء الخاضع لسيطرة «قسد» في محافظة دير الزور من واقع صحي متردّي، جاء حصيلة انهيارات متتالية على مراحل، حدثت لأسباب مختلفة.
سجلت في الأسابيع الأخيرة عشرات الحالات لأمراض غير شائعة مثل متلازمة غيلان باريه (اعتلال عصبي متعدد متناظر حاد يصيب الجذور العصبية ثم ينتقل لإصابة الأعصاب المحيطية، يؤدى لشلل في الأجزاء المصابة ثم يمتد لجميع أجزاء الجسم)، وتجدد تفشّي أمراض وأوبئة عدة أبرزها اللاشمانيا والحصبة. ويُبدي نشطاء طبيون قلقهم من ظهور حالات شلل أطفال، خاصة مع ما سجّل سابقاً في دير الزور من حالات سابقة، ومع توقف حملات التلقيح الخاصة بهذا المرض، إذ لم تنفّذ حتى الآن، في الأشهر الستة الأخيرة على الأقل، أي حملة لقاح ضد شلل الأطفال، باستثناء تلك التي أُجريت في بعض مخيمات النزوح.
لا توجد اليوم إحصائيات عن عدد السكان في الجزء الخاضع لسيطرة «قسد» بدير الزور، لكن، وحسب تقديرات، يتراوح عدد السكان ب(350-400) ألف نسمة تقريباً، بإضافة النازحين من مناطق سيطرة النظام والنازحين في مخيمات محافظتي الرقة والحسكة من دير الزور. ولا يزيد عدد الأطباء العاملين في الجزء الخاضع لسيطرة «قسد» عن (20) طبيباً وفق تقديرات، ما يجعل المعدل، إن صحت هذه التقديرات، طبيباً واحداً لكل (20) ألف نسمة.
وحسب مسح ميداني محدود أجرته عين المدينة لرسم صورة ولو مبدئية عن الوضع الطبي المتهاوي في دير الزور، حيث تعمل في الريف الغربي (جزيرة) الممتد على مسافة (50) كم تقريباً مشفى عامة واحدة هي مشفى الكسرة، غير أنها لا تعدو في خدماتها وفي قلة عدد كادرها عن نقطة طبية إسعافية. وتعمل في هذا الريف أيضاً عيادة طبية لطبيب عام في قرية الحصان، وعيادة لطبيبة نسائية في قرية الصعوة، إضافة لعيادة طبيب أطفال في هذه القرية، وعيادة لطبيب أطفال آخر في بلدة محيميدة. كذلك تعمل ثلاث عيادات لأطباء أسنان في قريتي الصعوة والزغير، كما تعمل (10) قابلات قانونيات على امتداد الريف الغربي كله. ويبدو الحال أسوأ في الريف الشرقي، حيث يعمل طبيب واحد عامّ في منطقة كبيرة تضم بلدتي الكشكية وأبو حمام، يزيد عدد الحالات المرضية التي يعاينها كل يوم على (100) حالة، وبحسب ما يتاح له من وقت. ويعمل في ذيبان مركز طبي بجهود أهلية، يعاني من ضغط كبير لارتفاع عدد الحالات المرضية وتنوعها. ويعاني السكان أيضاً من محدودية الأنواع الدوائية المتوافرة ومن انخفاض جودتها، في صيدليات لا يديرها في الغالب صيادلة، إنما فنيون وممرضون أو متطفلون على المهنة.
يحاول المكتب الطبي في المجلس المدني الذي أسسته «قسد» أن يفتتح مستوصفاً في بلدة محيميدة بالريف الغربي، ومستوصفاً آخر في بلدة البصيرة بالريف الشرقي، لكن ندرة الكفاءات الطبية تحُول دون نجاح محاولاته تلك. ولا يبدو أن أحداً من الأطباء الذين نزحوا إلى مناطق سيطرة الجيش الحر في محافظتي حلب وإدلب أو لجأوا إلى تركيا، في نية العودة إلى الجزء الخاضع لسيطرة «قسد» في دير الزور لأسباب مختلفة: أهمها حالة الاضطراب العامة، وغموض ملامح المرحلة في هذا الجزء، حسب ما يفسر كثير من الأطباء النازحين في حلب وإدلب، فيرى د. أنس الفتيح رئيس المجلس المحلي الثوري لدير الزور أن «الخطوة الأولى لحل المشاكل القائمة اليوم، هي عودة الكفاءات الطبية النازحة أو المهاجرة عن المحافظة».
في العامين التي سيطر فيهما الجيش الحر على معظم المحافظة، نجح الأطباء والممرضون والفنيون والنشطاء الطبيون الآخرون المنتمون إلى الثورة، ببناء منظومة صحية بديلة عن المنظومة الحكومية السابقة. وإلى حد كبير استطاعت (18) مؤسسة طبية (حرة) تأسست بين العامين (2012-2014) تقديم الخدمات الطبية بفعالية كبيرة لسكان دير الزور. إلى جانب الدور الهامّ الذي قامت به المشافي والعيادات الخاصة. بسيطرة تنظيم داعش على المحافظة صيف العام 2014، أخذ الواقع الصحي بالانحدار، إذ حاولت داعش تأسيس جهازها الخاص بما سمي آنذاك «ديوان الصحة» الذي ساهمت رعونة مسؤوليه من عناصر التنظيم، وافتقادهم الحد الأدنى من المؤهلات العلمية والخبرات، إلى جانب منع المنظمات الطبية من العمل، والقرارات الأخرى التي تقيد عمل الأطباء- في تهجير معظم العاملين في الحقل الطبي، إضافة إلى نتائج كارثية أخرى امتد تأثيرها إلى هذه المرحلة.