- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
كورونا في اللاذقية: اختلاق أسباب لوفيات الفيروس واللقاح وفق مزاج الكادر الطبي
بات من اللافت لمن يتابع صفحة وفيات مدينة اللاذقية كثرة النعوات فيها خلال الأسابيع الماضية؛ بشكل يومي تنعي الصفحة أكثر من عشرين شخص من أبناء المدينة، قسم كبير منهم من فئة الشباب. تتنوع أسباب الوفاة فبعضها جلطات دماغية وكثير منها نتيجة أي مرض ربما يبدو بسيطاً لأقرباء المريض، لكنه يأتي ليخفي السبب الأساسي: (كورونا).
في ظل إنكار الكوادر الطبية والجهات المسؤولة لانتشار كورونا بهذه الكثافة، وأنه يتسبب بكل هذه الوفيات، فضلاً عن غياب أي إجراءات للوقاية، ومع وجود أسباب للوفيات مختلقة بعيداً عن كورونا، فإن الخطوات المتبعة في الدفن تكون عادية، وتغيب عنها الخطوات المتعلقة بدفن ضحايا الفيروس بطريقة مناسبة، ما يزيد من خطر العدوى على أقربائه.
على أن الأمر لا يشمل عوائل الضحايا فقط بل كامل المؤسسات ذات العلاقة، إذ تغيب أي آلية يتبعها المسؤولون في اللاذقية للتعامل مع وفيات كورونا، فلا تخصيص لفرق تغسيل ونقل ودفن لضحايا الفيروس.
يلعب نفوذ عائلة المريض المتوفى دوراً في معرفتهم سبب وفاة قريبهم الحقيقية. فقبل أيام تم إبلاغ إحدى الأسر في مدينة اللاذقية بوفاة والدهم في المستشفى، وتم إعلان السبب بأنه ناتج عن الإصابة بكورونا، لكن الغريب بالأمر أنهم استلموا جثته بطريقة اعتيادية وكأنه توفي نتيجة أسباب طبيعية أو مرض عادي، وتم نقله إلى منزله دون وجود فريق مختص للدفن، ليتم تغسيله واجتماع أسرته لتوديعه ورؤيته "مع التقبيل وكشف الوجه"، ومن ثم نقل في سيارة دفن الموتى نحو المقبرة ليقوم أقرباؤه بدفنه والصلاة عليه بوجود عدد كبير من الأشخاص، وتلقي التعزية منهم بالمصافحة والتقبيل.
لا يوجد سبب واضح حتى الآن يقف خلف إنكار الكوادر الطبية وقوع الوفيات بسبب كورونا، لكن التحليلات الشائعة بين الأهالي تعزو الإنكار إلى ما يترتب على النظام والكوادر الطبية من واجبات في حال وجود هذه الأعداد الكبيرة من الإصابات من تأمين اللقاح إلى فرض الحظر وارتداء الكمامة ومراقبة مدى الالتزام وتأمين المعقمات والكمامات والأدوية والمنافس وغرف العزل وغيرها، إضافة إلى أن الوضع الاقتصادي الذي تمر به مناطق سيطرة النظام لا تسمح بإغلاق المحلات التجارية أو توقيف دوائر الدولة عن العمل مع دفع رواتب الموظفين.
وقبل حوالي الشهر نشرت قناة سما الفضائية الموالية للنظام تقريراً من مدينة اللاذقية حول تفشي وباء كورونا فيها، جاء تحت عنوان "كورونا متنقل بين الشوارع والأزقة والحارات"، وقال التقرير أنه "لم يعد غائباً على أحد من أهالي محافظة اللاذقية أن كورونا يحصدهم من كل حد وصوب" فمعظم الوفيات في هذه المدينة سببها ما وصفه التقرير ب"المارد" حتى ولو لم يكن الأمر معلناً، منوهاً إلى أن مستشفيات المدينة تعج بالمصابين. "لا يوجد مكان لأي مريض ولا شاغر لسرير والمستشفيات ممتلئة وسط غياب أي حلول".
وكان التقرير ذاته قد نقل عن مصادر طبية في المدينة أن السبب الأساسي في هذا الوضع هو خوف الأهالي من اللقاح وعدم الإقبال على أخذه، وكان من اللافت إجراء المذيع لمقابلات مع المصابين من داخل مستشفى "حمزة علي نوفل الوطني" ومن غرف العزل دون وجود أي عوامل وقائية يتبعونها من تباعد اجتماعي أو حتى ملابس العزل، وشكى معظمهم من العجز عن تأمين وشراء العلاج بسبب ارتفاع أسعار الدواء بشكل كبير، وهذا ما يؤدي إلى حالات الوفيات دون القدرة على العلاج.
في حين أن توفيق حسابا رئيس منظومة الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة التابعة للنظام، كان قد ذكر بتصريح للتلفزيون الرسمي السوري مؤخراً: "أنهم بدأوا بنقل مرضى كوفيد-19 الذين يتلقون العلاج من الفيروس في اللاذقية إلى مستشفيات محافظة طرطوس". ويأتي ذلك عقب "إشغال كامل القدرة الاستيعابية للمستشفيات في تلك المناطق بسبب الارتفاع الحاد في عدد حالات فيروس كورونا".
في المقابل يرفض عدد كبير من سكان المدينة تلقي اللقاح رغم المخاطر الحقيقية وجدية الوضع لأسباب عديدة، أبرزها حسب هدى وهي إحدى سكان حي قنينص في اللاذقية، عدم معرفة مصدر اللقاح والخوف من أن يكون للتجريب، فضلاً عن المعاملة السيئة من الكوادر الصحية في مراكز التلقيح وعدم توفره للجميع، فإعطاء اللقاح يخضع لرغبة العاملين في المركز الصحي. أضافت هدى أن هناك الكثير من الشائعات التي تدور حول اللقاح، منها أنه فاسد بسبب انقطاع الكهرباء الدائم وعدم حفظه بطريقة مناسبة، فضلاً عن عدم جدية الجهات المسؤولة بإجبار الأهالي على أخذه، أو حتى وجود حملات للتوعية بضرورته وتكذيب الشائعات التي تدور حوله، منوهة أنها لا تعرف أحداً تلقى اللقاح حتى الآن.
إلى ذلك تغيب النظافة بشكل نهائي عن المدينة، حيث تتكدس القمامة في معظم الشوارع منذ أشهر ولا يتم ترحيلها إلا بعد أن تتحلل وتملأ رائحتها الأحياء، في حين يصل سعر الكمامة الواحدة إلى أكثر من خمسمئة ليرة سورية، بينما سعر علبة المعقم الصغيرة ثلاثة آلاف ليرة. أما أبواب المحلات التجارية أو الدوائر الحكومية فلم تشهد وجود أي معقمات مجانية للداخلين والخارجين منها.