من صفحة "عدسة شاب مياديني"
اقترب شهر رمضان الكريم من نهايته ولا زال الكثير من أهالي مدينة الميادين يأملون أن يتناولوا وجبة إفطارٍ لا ينقطع التيار الكهربائيّ خلالها. حلمٌ بسيطٌ يتمنى الكثير من السكان هنا تحققه خلال هذا الشهر على الأقل، وخاصةً مع ساعات الصوم الطويلة وارتفاع درجات الحرارة، مما زاد من معاناة السكان من غياب هذه الخدمة إلى حدٍّ كبيرٍ جداً.
يقدّر عدد سكان الميادين اليوم بأكثر من مئتي ألف نسمة. وهي المركز الاقتصاديّ والخدميّ الأول في دير الزور، مما يعني احتياجاتٍ مضاعفةً للتيار الكهربائيّ بالمقارنة مع غيرها. وتتزوّد هذه المدينة بالتيار من مصدرٍ واحدٍ هو الشبكة العامة المرتبطة بمحطة جندر الحرارية في حمص، مما يعني خضوع الميادين لبرامج التقنين التي تنفذها وزارة كهرباء نظام الأسد، التي تولي اهتمامها بالمناطق الخاضعة لسيطرة هذا النظام. مع الإشارة الى أن الغاز المشغل لمحطة جندر قادمٌ من محافظة دير الزور، مما يضاعف إحساس سكان الميادين، وغيرهم من باقي مدن وبلدات المحافظة التي لم تعثر على حلولٍ خاصةٍ لمشكلة الكهرباء، بالغضب.
حديث الكهرباء مسألة رأيٍ عامٍّ يكثر الحديث فيها، وهي أيضاً محلّ تنافسٍ وخلافٍ بين بعض القرى والبلدات في دير الزور، وخاصةً مع تمكن بعضها من إيجاد بدائل خاصةٍ مثل الارتباط ببعض المنشآت النفطية التي تنتج التيار. وقد وقعت بعض الخلافات بين بلدتين متجاورتين، على سبيل المثال، نتيجة الفشل في تنفيذ برامج تغذيةٍ عادلة. وكادت هذه الخلافات أن تصل إلى حدّ المواجهات المسلحة.
صورٌ من المعاناة
يركب عمار، وهو شابٌّ نازحٌ مع عائلته إلى الميادين، دراجته النارية عصر كلّ يومٍ حاملاً "طرمز" ماءٍ ويتوجه إلى بلدة الحوائج المقابلة للميادين على الضفة الشمالية لنهر الفرات. فحالة الكهرباء في الحوايج أفضل بكثيرٍ منها في الميادين، مما يعني إمكانية الحصول على قوالب الثلج من هناك لتبريد الماء على مائدة الإفطار. وكذلك يفعل الكثير من السكان. يولد حقل العمر النفطيّ الكهرباء، التي يستفيد منها عددٌ من القرى القريبة، مثل الحوايج وذيبان والشحيل. وينظر سكان المناطق المحرومة من هذا الامتياز إلى نظرائهم بعينٍ حاسدة، ويطالبون أن يكونوا في قائمة المستفيدين. غير أن الطاقة المولدة من حقل العمر، وغيره من المنشآت النفطية، لا تكفي الجميع.
أم أحمد، ربة منزلٍ من الميادين، تسمع بتنعم مناطق أخرى بتيارٍ كهربائيٍّ دائم، ولا تقنعها ذريعة الأحمال الزائدة – الصحيحة - التي يتذرّع بها الفنيون. فكلّ ما يهمّها هو أن تصمد أصناف الطعام في برّادها المنزلي في هذا الجوّ الحارّ لأطول مدةٍ ممكنة، إلا أن انقطاع الكهرباء لأوقاتٍ تتجاوز (16) ساعةٍ يومياً يحول دون ذلك. وكذلك هي حال سعيد، صاحب البقالية الذي عجز عن حفظ بضاعته ففسدت مراتٍ كثيرةً بسبب ارتفاع الحرارة وانقطاع التيار.
حلولٌ ممكنة...
يفكر البعض في توفير بدائل قد تساعد في تخفيف حدّة المعاناة وتقليص مدّة انقطاع التيار، مثل ربط شبكة الميادين بحقل العمر، وتنفيذ برامج تقنينٍ في المناطق المستفيدة منه. فيما يقترح آخرون أن تستخدم مولداتٌ ضخمةٌ تعمل بالديزل وبنظام الوحدات، أي أن يقوم كلّ تجمعٍ سكنيٍّ من حيٍّ واحدٍ أو عدّة أحياءٍ بإنشاء شبكة كهربائه الخاصة مقابل اشتراكٍ شهريٍّ يدفعه المستفيدون ويغطّي كلف التشغيل والإنشاء. طبّق هذا الحلّ في بلدانٍ أخرى عاشت ظروفاً مشابهة، مع تخطيطٍ مركزيٍّ على مستوى المدينة بحيث تنفذ هذه المشروعات لتغطّي جميع الأحياء، وفق دراسةٍ دقيقةٍ تضبط العمل وتنظمه وتراعي الشروط البيئية من ناحية التلوّث بالدخان والضجيج، وكذلك تحمي السكان من استغلالٍ محتملٍ، وتحقق أرباحاً ماليةً معقولةً لمشغلي هذه المولدات، وفرص عملٍ لعشرات العاطلين عن العمل. مع الاستفادة من الشبكة المحلية لتوفير تكاليف الإنشاء، والقيام بعمليات صيانةٍ دوريةٍ لها. وتقديم عمال وموظفي الكهرباء المفصولين، أو المقطوعة رواتبهم، على غيرهم للعمل في هذا المشروع.