- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
كلية الطب في جامعة إدلب وكادرها المتفائل رغم الظروف.. عميد الكلية: استطعنا الوقوف على بعد واحد من جميع الفصائل العسكرية
في إدلب، وقرب الملعب البلدي، يقع مبنى لم يستكمل بناؤه بعد، وسبق أن كان ثكنة لقوات الأسد قبل تحرير المدينة. بمبادرة من جامعة إدلب، وبمساهمة إدارة معبر باب الهوى، استكملت أجزاء من المبنى لتصبح مبنى لكلية الصيدلية، ولاحقاً لكلية الطب التي تأسست في العام الدراسي 2016.
عند مدخل الجامعة، بينما طالبات تدخلن، وقف حارس المبنى يصد الشبان عن الدخول، ويكرر "اليوم دوام الإناث، لا يمكنني أن أسمح لكم بالدخول، هذه تعليمات العميد". قرار فصل الذكور عن الإناث في جامعة إدلب عموماً جاء بناءً على رغبة مجلس إدلب، والذي يعبّر عن ميول فصائل عسكرية على رأسها هيئة تحرير الشام؛ لكن الجامعة حافظت على هذا القرار، رغم استقلال قرارها، كما أخبرنا بذلك عميد الكلية. لكن لم يكن غرض الشبان مقابلة البنات، وإنما تأخر بعضهم عن التسجيل ويصرّ على الدخول خوفاً من عدم قبوله.
وفي حرم الجامعة، كانت القاعات تعج بالطالبات، ويُسمع جيداً أصوات مدرسين يتلون محاضرات، وتغصّ مكاتب الإداريين بالمراجعين. وسط ذلك الانشداه يصعب إيجاد مكتب عميد كلية الطب الدكتور أحمد أبو حجر، عدا أن المكتب غير واضح، فهو لا يحمل لافتة خارج الباب، أو يظهر أنه مختلف عن بقية المكاتب، ويقع في الطابق الثالث من المبنى.
في مكتب العميد جلست فتيات ثلاث، ومن حركة أيديهن يظهر أنهن يتقدمن بالشكوى للعميد على أمر معين، وكان الدكتور يهزّ برأسه مبتسماً، ويضع إصبعه على عينه اليسرى ويمررها على العين الأخرى، في حركة تقول "من عيوني". ولم يجلس أبو حجر خلف مكتبه إلا عندما طلبنا منه صورة لترفق مع اللقاء، وكان يحدثنا طوال فترة الزيارة على كراسي الضيوف حيث أجلسنا.
"خلال العامين الماضيين" يقول أبو حجر "إنجازنا -من وجهة نظري- افتتاح الكلية ذاتها في ظل الافتقار للدعم، وافتتاح 14 مخبراً تتوزع بين التشريح الوصفي والفيزيولوجيا، بالإضافة لمخابر الأحياء الدقيقة والجراثيم ومخابر الأدوية، ومخابر كيمياء حيوية وعضوية، وكلها تحقق متطلبات المادة العلمية للطالب". وقد جُهزت الكلية بقاعات تدريسية تستوعب أعداداً كبيرة من الطلاب، "فاستقبال الجامعة في عامها الأول قرابة 500 طالب وطالبة، إنجاز بحد ذاته في ظروف أقل ما يمكن وصفها بغير المستقرة" يتابع الدكتور أبوحجر عميد كلية الطب.
اضطرت الكلية لهذا العام إلى رفع معدل القبول لدرجة 236 بدلاً من 227 في العام الماضي، نتيجة الإقبال المتزايد، بحسب الدكتور أبو حجر، الذي يرى هذا العام مميزاً بالنسبة لطلاب كلية الطب في جامعة إدلب، بعد أن حازت الكلية على اعتراف (الاتحاد الدولي للتعليم الطبي)، وهي منظمة غير ربحية أسست عام 1995، تسعى لتطوير الابتكار في تعليم الطب على المستوى العالمي، وتعتبر أكبر هيئة دولية متخصصة في التعليم الطبي، وترتبط بمنظمة الصحة العالمية؛ حيث ذكر الاتحاد عبر موقعه الرسمي أن هذا التصنيف جاء وفقاً لمعايير تمكنت كلية الطب في إدلب من تلبيتها.
"طبعاً هذا الاعتراف لم يأت بسهولة، ولا تستطيع أي جامعة الحصول عليه دون تحقيقها لشروطه، وقد عملنا لمدة تزيد على شهرين، كانت مرحلة من العمل والجهد الكبير من الكادر والعاملين في الكلية ورئاسة الجامعة ومجلس التعليم العالي، فقمنا بتجهيز البنية التحتية والمخابر وتوثيقها بالصور وإرسالها للاتحاد متضمنة الوثائق المطلوبة، كما أن دخول الكلية في سجلات التصنيف الإسباني للجامعات ساعد في وصولنا لهذا الاعتراف، والذي لا يعتبر اعتراف دولي، ولكنه خطوة سباقة على الطريق الذي نسعى للوصول إليه" يشرح الدكتور عميد الكلية.
وعن طموحات الكادر في الكلية يتحدث "عوامل كثيرة ستسهل دخول الجامعة لتصنيفات دولية مستقبلاً، واستقلاليتنا أهمها، من وجهة نظري، بعد أن استطعنا الوقوف على بعد واحد من جميع الفصائل العسكرية الموجودة، والتي سيطرت لفترة على قرارات الجامعة" ويتابع "نعمل على توصيف منهاج من عدة مراجع عالمية وعربية نحاول اعتمادها لتوافق المرحلة الحالية، وبعد فترة سيكون لنا منهاجنا الخاص. ورغم أن قلة الكوادر التعليمية مشكلة تعاني منها جامعة إدلب، لكن بالنسبة لكلية الطب فإن كوادرنا بإمكانهم تغطية هذا النقص".
تجاوز عدد طلاب كلية الطب لهذا العام 700 طالب لكافة السنوات الدراسية، بالإضافة لعدد من الطلاب المستكملين الذي رفدوها من جامعات تتبع للنظام. وتعتمد كلية الطب على التمويل الذاتي وبعض التبرعات غير المشروطة، كما يشرح عميدها، وتبلغ قسوط الكلية 200 دولار سنوياً، و400 دولار للتعليم الموازي، ويحاضر فيها تسعة مدرسين حاصلين على درجة الدكتوراه، إلى جانب 24 مدرساً من الحاصلين على درجة الماجستير أو من ذوي الخبرة من حملة الإجازات الجامعية في الطب.