- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
كأس العالم في روسيا.. فرجة وعمل واستثمار في إدلب
يُحاول معتز التملّص من فكرة أن مونديال كأس العالم 2018 سينعقد في روسيا، التي تعتبر بمثابة عدو للشعب السوري، لأن «ظروف العيش قاسية وعلينا التِماس أول فرصة للحياة».
غياب فرص العمل والواقع الاقتصادي المتردّي في إدلب جعل السكان يقتنصون أي بارقة أمل للحصول على مردود مادي يقيهم العوز، ويساعدهم في رحلة البحث عن لقمة العيش في زمن صعب تغيب عن تفاصيله ظروف العيش الكريم. وبين 14 حزيران الحالي و15 تموز ينتظر الملايين أكبر حدث رياضي منذ أربع سنوات. هذا الحدث يتعامل معه سكان إدلب كموسم لإطلاق مشاريع مُؤقتة يمكن التعرف عليها من خلال قصة مشروع معتز الربحي، وشغف سعيد.
في مدينة إدلب تعجّ الطرقات الرئيسية بالمارة والسيارات المتراصّة. المئات يمرّون يومياً أمام محلّ معتز الذي يُقدّم أطباقاً مُتنوعة من الوجبات السريعة والمشروبات الساخنة والباردة، إضافة للمثلجات. وبعيداً عن العمل الرئيسي لمحلّ المأكولات يُخطط معتز في جني المزيد من الأرباح: «فكرت في شيء سريع وقليل الكلفة يسعفني بمبلغ محترم خلال فترة قصيرة. فكرة عرض مباريات كأس العالم في مطعمي كانت ممتازة وجديرة بالاهتمام».
كل ما يحتاجه معتز شاشة كبيرة بمعايير الواقع الإدلبي المتردّي. شاشة 32 بوصة مناسبة، وجهاز دش، واشتراك بقناة (بي إن سبورت) التي تبث مباريات المونديال بشكل حصري. «عندنا 200 دولار حق الشاشة و90 حق جهاز الدش و60 ألف ليرة سورية حق الاشتراك. هذا هو كل ما ينبغي دفعه للحصول على مشروع بسيط وسريع الربح».
ليس بعيداً عن مدينة إدلب يُجهز «سعيد» صالة مشابهة، لكنها عبارة عن شقة سكنية فارغة استأجرها لعرض المباريات على الأصدقاء وجمهور المشتركين. يعشق سعيد كرة القدم وكأس العالم بشكل خاص، ويعتقد أنه تشرّب الرياضة في دمه منذ الصغر «إنها تجري في شراييني. سأفتتح مشروعي حتى لو لم يشترك أحد. يكفي أنني ضمنت المشاهدة لنفسي».
مشروع سعيد قليل التكلفة مقارنة بصالة معتز، إذ تساهم طريقة المشاهدة في تقليل النفقات، فلا حاجة للاشتراك أو شراء جهاز الدش «كل ما يلزم هو جهاز خاص ب 15 دولار وظيفته فك تشفير القنوات عن طريق النت، بشرط ألا تقل السرعة عن 2 ميغا».
حدّد كل من معتز وسعيد سعر المباراة ب 200 ليرة سورية فقط، وبإمكان أي شخص حجز مقعد لمشاهدة جميع المباريات بمبلغ 5 آلاف ليرة.
لا يرغب البعض بالحضور يومياً إلى الصالات العامة التي تعرض أحداث المونديال، كما لا يمتلكون المال للاشترك في القناة الفضائية التي تعرض المباريات. نظرت إحدى شركات الإنترنت العاملة في ريف إدلب الشرقي إلى هذه المشكلة كوسيلة لاستثمار المزيد من الأموال. ولكن كيف؟
الفكرة بسيطة: تتلخص في عرض قدمته الشركة للاشتراك في برامج تشغيل قنوات bein spot على الجوال لنقل مباريات دوري أبطال أوروبا وكأس العالم على النت، يُخوّل أي مشترك متابعة شيّقة وهو في منزله، حيث بإمكانه العبّ من نربيش الأرجيلة على راحته، بينما سيُحرم منها رواد الصالات العامة كنتيجة طبيعية لمنعها في إدلب من قبل الفصائل الإسلامية.
بقيت مسألة غاية في الأهمية لم يجب عنها أصحاب المشاريع السابقة، وتتعلق في موقف موسكو التي تستضيف المباريات من قضية الشعب السوري. ترى هل سيقاطع السكان مونديال 2018 لهذا السبب؟ وبهذه النتيجة ستغدو جميع هذه المشاريع التي يتجهز لها أصحابها أعمالاً خاسرة؟ أم أن قضية السياسة لا تمتّ لهذا الموضوع بأي صلة بالنسبة لعشاق المستديرة؟
يمكن ملاحظة الإجابة من استطلاع بسيط لآراء البعض الذين فضلوا تناسي فكرة أن روسيا هي المستضيف لمونديال 2018. محمد، على سبيل المثال، اعتبر أن عدم متابعته لكأس العالم يُعتبر غصّة في حلقه «عندما أفكر في المقاطعة ينتابني شعور مؤلم». أما شمس، وهو ناشط صحفي يُقيم في إدلب، فلاحظ الحماس الكبير لدى المهتمين بالرياضة في هذا الحدث البارز «لن أقاطع، ولا أعتقد أن أحداً سيقاطع. هذا حدث عالمي، ونحن بحاجة لأي تسلية».
بدوره بدأ «عبادة» منذ عدة أيام في البحث عن طريقة للمشاهدة، معتبراً أن مسألة روسيا «يُمكن بحثها في وقت لاحق». قالها الشاب العشريني وقد ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيه.