- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
في موسم جفاف آخر: تدهور مستمر للثروة الحيوانية في منطقة رأس العين
يعيش مربو الأغنام في رأس العين بأزمة حقيقية تهدد مواشيهم، يقف وراءها العديد من الأسباب على رأسها ندرة المراعي المرتبطة بالجفاف الذي يضرب المنطقة، وارتفاع كبير بأسعار الأعلاف الذي يقف وراءه احتكار تجار محسوبين على فصائل في "الجيش الوطني"، في ظل عجز المجلس المحلي فيها عن تقديم حلول تساهم في إنقاذ ما تبقى من قطعان الأغنام التي تشهد أعدادها انخفاضاً مستمراً.
لا يوجد إحصائيات حديثة دقيقة لأعداد الأغنام بسبب قلة الكوادر اللازمة لإجراء إحصاء، لكن وحسب تقديرات رئيس شعبة الثروة الحيوانية في منطقة رأس العين سابقاً الطبيب البيطري أحمد كيوان لعين المدينة، يصل عدد رؤوس الأغنام مع مواليدها إلى (100-150) ألف رأس في العام الحالي، بينما وصل عددها دون المواليد في العام الماضي إلى 200 ألف.
وتظهر الصور حالة الهزال الشديد بسبب الجوع التي أصابت الأغنام، إلى حد تساقط الصوف أو التهام بعضها أصواف بعض بسبب نقص المعادن والفيتامينات وفق المختصين.
يقول أبو إبراهيم وهو مربي أغنام من منطقة رأس العين أنه فقد ثلثي القطيع الذي كان يملكه السنة الماضية (325 رأس)، نفق جزء من هذا القطيع بسبب الجوع، واضطر إلى بيع جزء آخر لتأمين علف ما تبقى من قطيعه، ويضيف أبو إبراهيم الذي يسكن قرية صغيرة لا يتجاوز عدد عائلاتها 10 عائلات معظمها تربي الماشية، أن 10 أغنام تقريباً تنفق يومياً في قريته بسبب الجوع. وأوضح رئيس المكتب الزراعي في مجلس رأس العين المحلي المهندس الزراعي عمر حمود، أن هناك حالات نفوق كبيرة وخاصة في المواليد الجديدة بسبب قلة التغذية، وأضاف أن الأغنام تكثر في الريف الغربي لمنطقة رأس العين في قرى المبروكات والتي تشهد موجة جفاف حاد منذ الموسم الماضي، الأمر الذي ينعكس على أعداد المواشي بشكل ملحوظ.
تتعدد الشهادات عن المعاناة المتفاقمة لمربي الأغنام في منطقة رأس العين، بسبب ندرة أو انحسار المراعي نتيجة الجفاف وانحباس الأمطار في الموسم الحالي والمواسم الأخيرة، ثم الارتفاع الحاد بأسعار الأعلاف، حيث تمنع السلطات التركية تصدير العلف إلى المنطقة، في حين يحتكر تجارته تجار محليون محسوبون على بعض قادة الفصائل في "الجيش الوطني"، ليصل سعر علف "النخالة" إلى أكثر من 320 دولاراً أمريكياً للطن الواحد، ووصل سعر "شل" التبن بوزن 60 كغ تقريباً إلى 80 ألف ليرة سورية (23 دولاراً تقريباً)، وفقد الشعير من الأسواق بعد تصديره إلى تركيا.
يؤكد الحمود أن المجلس المحلي لا يملك الإمكانيات المادية الكافية لمساعدة مربي الأغنام وتقديم علف بأسعار مخفضة، وتنحصر الخدمات التي يقدمها المجلس للمربين بحملات التلقيح الوقائية، ولم تتأسس رابطة أو جمعية تدافع عن مصالح مربي الأغنام في المنطقة. لافتاً إلى أن لجنة من وزارة الزراعة والغابات التركية، ثم موظفي التنسيق الأتراك، قد وعدوا مؤخراً بإدخال الأعلاف إلى المنطقة.
تعد تربية الأغنام في رأس العين كما في أرياف المنطقة الشرقية من سوريا، أحد أعمدة الاقتصاد المحلي الزراعي الحيواني، وهو واحد من القطاعات الإنتاجية القليلة في المنطقة المنقطعة عن بقية المناطق السورية. وتشكل "العواس" غالبية الأغنام إلى جانب أنواع مهجنة مثل "الحمدانية" و"الحموية". ويعتبر تقلص أعداد الثروة الحيوانية بشكل كبير، كما تشير إلى ذلك الأرقام التي زود بها البيطري كيوان، خطراً محدقاً على حوالي 3000 عائلة تعتمد بشكل أساسي على المواشي في معيشتها، وتهديداً بتحولهم من منتجين إلى متلقي مساعدات إغاثية.
أحد تجار الأغنام في سوق الماشية "الماكف" في رأس العين، أكد لعين المدينة أن حركة البيع والشراء ضعيفة جداً أو حتى معدومة، وأن سعر الأغنام حالياً هو ربع سعرها الحقيقي، وأن البيع يتم نتيجة عدم قدرة مربي المواشي على تحمل مصاريف أغنامهم. وأضاف "رأس الغنم السمينة ومعها خاروفها بين 150 و200 ألف ليرة سورية، في حين كانت تباع السنة الماضية بين 500 إلى 800 ألف ليرة، بينما يتراوح سعر كيلو لحم الغنم بين 12 و16 ألف ليرة حسب جودته، في حين يصل سعر كيلو جبنة الغنم إلى قرابة 15 ألف، وهي قليلة جداً لعدم قدرة الغنم على الإدرار. أما سعر البقرة اليوم فوصل إلى مليون ليرة سورية، مقابل 4 ملايين للبقرة في العام الماضي".
ويجاهد المربون للاستمرار من خلال حلول بديلة رغم ارتفاع ثمنها بالمقارنة مع انخفاض أسعار مواشيهم، ومنها الاستعانة بألواح الطاقة الشمسية لزراعة مساحات صغيرة يسمونها ب"الجاير" لتوفير مراعي لمواشيهم، إضافة إلى أعلاف بديلة مثل القش المستخرج من أسقف البيوت الطينية، أو البطاطا المستوردة من تركيا، التي سرعان ما ارتفع سعرها بعد زيادة الإقبال عليها.
الأبقار والمداجن
إلى ذلك يقدر عدد الأبقار في عموم رأس العين اليوم بـ 1600 رأس، ويعتبر العدد ثابتاً بالمقارنة مع العام الماضي، لأن "تربيتها مغلقة" على وصف الكيوان. وتابع " الأبقار لا تعتمد كثيراً على المراعي وإنما على الأعلاف، وإن حدث نقص فهو نتيجة الأمراض فقط". على أن العدد يعتبر قليلاً قياساً بالعام 2011 الذي وصل فيه العدد إلى 5000 رأس، ويعود ذلك إلى نزوح الكثير من سكان قرية القطينة إلى مناطق النظام بعد عملية "نبع السلام" العسكرية.
أما المداجن التي وصل عددها إلى 60 مدجنة نموذجية في ريف رأس العين الشرقي في وقت سابق، فجميعها اليوم خارج الخدمة بسبب عدم توفر المواد الأولية للأنتاج والأدوية البيطرية، أو بسبب نزوح أصحابها حسب الكيوان، الذي استدرك أن "مدجنة واحدة لأنتاج البيض تعمل اليوم في الريف الشرقي، ومدجنة أخرى في قرية الدويرة جنوب غربي المدينة تعمل بتجميع أقفاص الدجاج القادمة من تل أبيض".