- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
في شمال إدلب.. تنظيم المنطقة يبعث مخاوف من التوطين لدى سكان المخيمات
تعيش منطقة شمال إدلب حالة غير مسبوقة من "التنظيم"، تشمل تنظيم الطرقات ووضع المخططات التنظيمية للتجمعات السكانية، في ما يبدو أنه "ممارسة السلطات القائمة مهامها"، واستجابة لمطالب إنسانية مستعجلة، لكن النازحين والمهجرين في المنطقة يرون فيه "ملامح استبقاء" للوضع الذي يعيشون فيه في المنطقة كما هو عليه إلى أجل بعيد على المدى المنظور.
ويتم حالياً توسعة وترميم أوتستراد إدلب- باب الهوى، وفي الوقت ذاته تجري توسعة طرقات تعتبر حيوية في منطقة الحدود، فضلاً عن وضع مخططات تنظيمية للقرى والمخيمات الجديدة. وفي هذا السياق شرح المهندس قتيبة الخلف وزير الإدارة المحلية في حكومة الإنقاذ ل "عين المدينة" أن وزارته بمفردها أو بالتشارك مع جهات محلية أو شعبية أخرى تقوم على توسعة الطرقات، التي بدأت منذ أكثر من عام، وهي الآن في المرحلة الثالثة.
وقال الوزير: "الجهة القائمة على توسعة الطرقات في المنطقة الشمالية ومنطقة سرمدا هي وزارة الإدارة المحلية والخدمات عبر مديرياتها ووحداتها الإدارية المختلفة، وبعض المشاريع هي بالتعاون مع جهات أخرى مثل أوتستراد ادلب- باب الهوى بالتعاون مع إدارة معبر باب الهوى، ويوجد أحياناً مشاريع تشاركية حكومية شعبية بين الوزارة والأهالي مثل طريق الدانا -دير حسان"
وأضاف الخلف في حديث مع عين المدينة، أنه "نتيجة الكثافة السكانية العالية في المناطق الحدودية وانطلاقاً من الحاجة لتطوير المنطقة عمرانياً وتنظيمياً واستثمارياً، أعددنا خطة استراتيجية لتوسعة الطرقات وتنظيم العمران والعمل على إدخال التعديلات اللازمة للمخططات التنظيمية".
تجنب الوزير في إجاباته حقيقة كون المنطقة تعيش تجاذباً سياسياً واختلافاً في وجهات النظر بين القوى المتحكمة بالساحة السورية، تلقي بظلالها على الواقع المعيشي اليومي، وليس فقط على المستقبل الذي تعمل في فلكه خطط "الإعمار" الجارية، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات والشكوك لدى سكان المخيمات بخصوص عودتهم إلى بيوتهم، في ظل ما يرونه "أعمال استبقاء".
من وجهة نظر المحلل السياسي الدكتور نصر اليوسف، فالوضع في سوريا واقعٌ في استعصاء سياسي بين القوى العظمى، لذلك "لا بد من النظر بواقعية إلى وضع المدنيين في المنطقة" التي تعاني منذ سنوات. واعتبر اليوسف أن ما يحدث "مطلب لطالما طالبت به الجهات والمنظمات الإنسانية من أجل المدنيين، بغض النظر عن طول مدة النزوح واستمرار التصعيد العسكري"، وذلك لتوفير ظروف إنسانية ملائمة، وختم: "من وجهة نظري هو أمر جيد، حتى لو تم هذا الأمر فقط ليقضي المدنيون هذا الشتاء في المنطقة الشمالية".
وكما أن حساب البيدر غير حساب الحقل، فإن ما يستشعره النازحون والمهجرون من تلك المشاريع مختلف عن أهداف ذات المشاريع.
أبو جميل نازح من ريف حماه الشمالي، ويعيش في تجمع مخيمات الكرامة منذ سبع سنوات، رأى أن إهمال المنطقة في السابق كان يبث في نفوس قاطني المخيمات الأمل بالعودة إلى قراهم. وتابع "لكن منذ بدأت توسعة الطريق الرئيسي في تجمع الكرامة وصولاً إلى عقربات، أصبح لدينا يقين بأننا باقون في منطقة المخيمات بلا رجعة".
وأكد عبد المعين حلاق أستاذ في أحد المخيمات ذات الشكوك، قائلاً:"المخيم الذي أسكنه اليوم لا يمكن لك أن تعرفه لو أنك شاهدته قبل تسعة أعوام، فاليوم إن دخلت من الشارع الرئيسي إليه ستظن بأنك دخلت مدينة حدودية. الأمر مخيف إن فكرت فيه، تحولنا من حالة النزوح المؤقت إلى حالة التوطن".
بدوره أوضح عبد الله الزيدان مسؤول قسم الدعم النفسي في منظمة الإغاثة الطبية السورية مكتب أطمة، أن الشعور بالتحول من حالة النزوح إلى التوطن ليس مقتصراً على المظاهر العمرانية والبنى التحتية فقط، "إنما هو ظاهرة موجودة في النفوس البشرية التي مضى عليها تسعة أعوام على أمل العودة، ولكنها أصبحت اليوم يائسة".