- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
في ريف حماة المحرر يعجز الفلاحون عن بيع محاصيلهم إلا لسماسرة النظام
عشرات آلاف الأطنان من القمح تنتج سنوياً في المناطق المحررة شمال غرب حماه، وفي ظل عجز مؤسسات الثورة والمعارضة عن استجرار كل هذه الكمية، يضطر الفلاح للبحث عن تاجر لتصريف محصوله وتسليمه في النهاية للنظام.
تعتبر أراضي ريف حماة بشكل عام، وأراضي سهل الغاب غربيها بشكل خاص، مواطن مثالية لزارعة القمح، لكن مع تقدم سنوات الثورة، بدأت تظهر معوقات وصعوبات أمام زراعة المناطق المحررة في سهل الغاب الممتدة من قلعة المضيق حتى جسر الشغور، ولعل أكبر هذه الصعوبات مشكلة تصريف الإنتاج، ما جعل الفلاح عرضة للاستغلال من قبل التجار وأنصار النظام.
بكار أبو محمد مزارع من أهالي سهل الغاب، استأجر أرضاً وزرعها بالقمح، لكنه بعد الحصاد بحث عن طريقة لتصريف محصوله في المناطق المحررة، فلم يفلح، ما اضطره للبحث عن أحد التجار الذين يعملون في المنطقة لبيعه المحصول. يشرح "بكار" أن الخاسر الوحيد في هذه التجارة هو الفلاح، فلقد حدد نظام الأسد سعر كيلو غرام القمح ب 175 ليرة سورية، "لكننا نبيعه هنا في المناطق المحررة للتجار بأقل من 120 ليرة سورية، حيث يتقاسم التاجر والوسيط والشبيح بقية المبلغ".
عملية جمع الحبوب من الفلاحين عبر التجار، ثم توريدها إلى مناطق النظام، تتم بإشراف أحد المتنفذين: حيث قام مجموعة من المتعاونين معه بجمع القمح من التجار، بسعر 140 ليرة في بداية الموسم، ثم انخفض السعر إلى أقل من 130 ليرة، متضمنة أجور النقل وتكلف المخاطر لإيصال الكمية، وبالتالي لا يجد الفلاح لمحصوله سعراً أعلى من 110- 115، حسب جودة القمح.
استغلال الفلاح ليس وليد اللحظة، كما أن هذا النوع من الاستغلال يمارس بشكل مستمر وبطرق مختلفة. فعلى سبيل المثال، تقع كميات كبيرة من أراضي سهل الغاب كخط مواجهة مع قوات الأسد، وفي موسم الحصاد لا تسمح القوات للفلاح بحصاد أرضه، ما لم يدفع "إتاوة" 1600 ليرة سورية عن كل دونم، حيث يتم جمع المال من قبل شخص من أهالي المنطقة، ثم ينقل للضابط المسؤول عنها، ليسمح لهم ببدء الحصاد. يقول "بكار"هذه الأمور وغيرها، دفعت قسماً كبيراً من مزارعي سهل الغاب لاتخاذ قرار بعدم زراعة القمح مرة أخرى، والالتفات لزراعات أخرى قد تكون ذات جدوى أكثر.
الضعف المادي لدى المؤسسات في المناطق المحررة، وتأخرهم بافتتاح مراكز لاستلام القمح، وحالة التخوف التي تعيشها المنطقة؛ دفعت الكثير من الفلاحين للبحث عن طريقة لتصريف محصولهم. يقول تاجر حبوب: "بدأ تصدير القمح باتجاه مناطق النظام مع بداية الشهر السادس، ويدفع التاجر ألف ليرة سورية عن كل طن من القمح أثناء عبوره من معبر قلعة المضيق". ويتابع، بأن نظام الأسد حدد سعر الكيلو غرام الواحد في مراكزه ب 175 ليرة، لكنه لم يشتر منا بهذا السعر أبداً.
مركز حبوب السقيلبية التابع للنظام في الغاب لم يستقبل الحبوب لهذا الموسم، بينما تم تسليم الحبوب في المركز الرئيسي بحماة فقط،، وهنا يتم التحكم بالجميع، بحسب التاجر، وقد يقوم المركز برفض القمح وتحويله إلى دائرة الأعلاف ليباع بأقل من 100 ليرة، وبالتالي الخسارة تكون كبيرة بالنسبة للتاجر والفلاح على حد سواء. أما عن كميات القمح التي تصدر للنظام فليس هناك رقم دقيق للكمية، لأن الطريق الذي تسلكه الشحنات تعمل لساعات، وتتوقف عدة أيام ثم تعود للعمل من جديد، بسبب تحكم النظام بها، لذلك من الصعب مراقبة الشحنات لتحديد الكمية المصدرة.
في حين قامت المؤسسة العامة للحبوب (الحرة) فرع إدلب باستلام كمية جيدة من الحبوب، لكنها لم تتمكن من استلام كامل الإنتاج السنوي لضعف إمكانياتها. رئيس مركز حبوب سراقب القريبة من سهل الغاب، تحدث ل (عين المدينة) بأن المركز مازال يستلم القمح منذ 28 حزيران، بصنفيه الطري والقاسي، لتصل كمية الاستلام بشكل يومي قرابة 150 طن، "شريطة أن يكون القمح موضوع بأكياس خيش صالحة للاستعمال"، بحسب رئيس المركز، الذي يسعر القمح القاسي ب 290 دولاراً للطن، وينخفض السعر دولارين لكل درجة حسب الجودة، في حين يسعر القمح الطري ب 285 دولار للطن الواحد.
استغلال نظام الأسد ووسطائه، عبر طرق مباشرة وأخرى ملتوية، لضعف إمكانيات المؤسسات المعارضة انعكس على فلاحي الغاب بشكل مباشر، وأضاف هموماً إلى تردي إنتاجية القمح لهذا العام بسبب العوامل الجوية.