- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
عبر دوائر النفوس والمشافي يُبلغ النظام بوفاة معتقلين بعضهم كانوا أحياء
ثمان سنوات من عمر الثورة السورية ولم يتحقق أي تقدّم ملحوظ في ملفّ المعتقلين الذي طرح عبر كل المنصات الدولية والمؤتمرات، لكن نظام الأسد يستمرّ في مُراوغته وتضليله وتمييع القضية.
تتوالى أخبار يومية، تتحدّث عن استشهاد مُعتقلين في سجون الأسد، في زيادة عن الوتيرة المعتادة في السنوات السابقة، إذ تُسرّب أجهزة مخابرات النظام وبطرق شتى، عبر دوائر الأحوال المدنية (النفوس) أو المشافي العسكرية أو عن طريق وسطاء، أسماء معتقلين قضوا في السجون.
يقول المحامي فهد الموسى (رئيس جمعية الأسرى والمعتقلين) لا توجد إحصائية دقيقة عن عدد سجناء محافظة حماة لدى قوات الأسد، مع العلم أن الكثير من الجهات الحقوقية عملت على توثيق الأمر مراراً، لكنها لم توفّق لأسباب مختلفة أهمها: القبضة الأمنية التي تُرهب الأهالي في مدينة حماة وسائر المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، حيث يمتنع البعض عن تقديم أي معلومات تخصّ أبناءهم المعتقلين.
وبحسب الموسى، وصلت إلى دوائر النفوس أسماء أكثر من (150) معتقلاً من أبناء حماة، توفّوا في أقبية الأفرع الأمنية أو في السجون، وهذا ما تكرر في محافظات أخرى، "معظم المتوفين شبان صغار السن، شاركوا في المظاهرات أول الثورة، قبل أن يُعتقلوا وتختفي آثارهم من سجن أو معتقل إلى آخر"، وفي جميع الحالات تُفسّر الوفاة بـ "تقرير طبي"، كاذب بالطبع، بهدف طمس الجريمة، والتنصل من أي تبعات أو ملاحقة قانونية أو جزائية.
في معظم الحالات، يكتشف الأهالي وفاة أبنائهم حال مراجعتهم دائرة نفوس لاستخراج ورقة ما، بالصدفة أو بغاية التحقق بهذه الطريقة من وفاة أبنائهم أو بقائهم على قيد الحياة.
بحسب التقارير الطبية المزعومة، وقعت معظم الوفيات في العامين 2014 و 2015، ما يُثير أسئلة عدة، عن الأسباب التي تدفع النظام للكشف عن مصير المئات فقط من بين مئات آلاف المعتقلين مجهولي المصير في سجونه. ولماذا يُخفي مصير مُعتقلين أقدم منذ ثمانينات القرن الماضي وحتى الآن؟
يزيد عدد المعتقلين السوريين في سجون الأسد منذ بداية الثورة 2011 على 220 ألف معتقل، منهم 118829 مُعتقلاً مُوثقاً، بينهم 9000 دون سن الثامنة عشرة وحوالي 4500 امرأة، بحسب "الشبكة السورية لحقوق الإنسان".
وتأتي حلب في مُقدمة المحافظات السورية بعدد المعتقلين بنحو 40 ألفاً تليها حمص بـ 35 ألفاً و ريف دمشق بـ 30 ألفا،ً فيما قدّرت الشبكة عدد المعتقلين في إدلب وحماه بـ 20 ألفاً.
وبحسب منظمة العفو الدولية في تقريرها وعنوانه "مسلخ بشري: شنق جماعي وإبادة في سجن صيدنايا" أن 13000معتقلاً تم إعدامهم في الفترة بين 2011 و2015 في سجن صيدنايا وحده، مُتهمة النظام السوري بإعدامات ميدانية بدون محاكمة في السجون والمعتقلات السورية.
ويُعتبر سجن صيدنايا (قرب دمشق) السجن الأكبر للمعتقلين السوريين، إضافة إلى سجن عدرا المركزي في ريف دمشق، وسجن حلب المركزي، وسجني حماه وحمص المركزيين.
وتتحدث التقارير عن سجون سرية لقوات الأسد يتم تعذيب وتصفية المعتقلين داخلها، خاصة تلك التابعة للأفرع الأمنية، وأهما: فرع فلسطين ومطار المزة العسكري (الذي يتبع للمخابرات الجوية)، وفرع المخابرات الجوية والأمن العسكري (الفرع 291 وفرع المعلومات)، إضافة إلى سجون سرية، أشارت لها تقارير صحفية، في المدينة الرياضية باللاذقية وجبل قاسيون بدمشق.
يقول "أبو خالد وهو أب لشاب مُعتقل " هدف نظام الأسد من هذه الحركة تمييع ملف المعتقلين، والذي يُعتبر الملف الأكثر ضغطاً على النظام منذ انطلاق الثورة السورية, وخصوصاً أن الملف يُفتح في كل المحافل الدولية".
ربما يحاول النظام التخفيف من صورته الوحشية في ملف المعتقلين، بإطلاق سراح عشرة معتقلين هنا –انتهت مدة أحكامهم بالغالب- والكشف عن مصير عشرة آخرين متوفّين هناك قضاء وقدراً بأمراض، كما تقول تقاريره الطبية. وربما كما يقول البعض يُريد النظام تنفيس الاحتقان لدى أهالي المعتقلين، بإبلاغهم بالتدريج وإفرادياً بمصير أبنائهم.
لا يثق أبو خالد مثل كثير من ذوي المعتقلين بالأخبار المُتداولة أو تلك التي يُشيعها النظام، عبر صفحات أو شخصيات تابعة له، لأن "عدوّك لا يمكن أن يمنحك خبراً صادقاً، وهو يكذب دوماً وفي كل شيء".
ويروي رجب كيف أُبلغ عن طريق موظف في النفوس بمراجعة الدائرة لتسجيل وفاة شقيقه المعتقل منذ العام 2012، بعيد اشتراكه في مظاهرة في مدينة حماة. لم يستطع رجب مراجعة النفوس، حتى لا يتأكد كلام الموظف وليحافظ على أمل ببقاء شقيقه على قيد الحياة، "النظام يكذب وكتير معتقلين طلعو من السجن بعد ما قالوا لذويهم ماتوا" حسب ما يقول رجب، ويستدلّ على ذلك بحكاية صديقه الذي حصل قبل عامين على ورقة وفاة لابنه من مشفى تشرين العسكري، تحمل اسمه ورقمه التسلسلي وتاريخ وفاته، وكانت المفاجأة بإطلاق سراحه قبل أيام.