- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
سكان درعا (يعيشون على أعصابهم) في ظل تنامي حالات الخطف والابتزاز
بعد أربع سنوات من المصالحات التي تمت في درعا برعاية روسية بين النظام وفصائل الثوار والمعارضة، ونضوب "اقتصاد الغنائم" الذي كان يمول رؤساء عصابات وقادة ميليشيات مقربة من النظام، تدفع حالة الإفلاس وشح التمويل الرواتب إلى انتشار الخطف والابتزاز في درعا، بينما يستسلم الأهالي للعيش في حالة دائمة من القلق وعدم الاستقرار والرضوخ لمطالب المختطفين، وسط مخاوف من تصعيد يطال أرواح أحبائهم.
في تموز الفائت أقدم مجهولون على تفجير عبوة ناسفة في مزرعة جاسم الزوري أحد تجار المواشي ومالك محال تجارية عديدة ببلدة المزيريب غربي درعا.
كان الزوري قد تلقى -وفقاً لمقربين من التاجر تحدثوا لعين المدينة- رسائل عدة عبر برنامج واتساب من أرقام أجنبية مجهولة، تطالبه بدفع مبلغ 30 ألف دولار، وإلا تفجير المحال التجارية التي يمتلكها. ومع تجاهل الزوري هذه الرسائل تم تفجير عبوة صغيرة في أحد محلاته، ما أجبره على دفع الفدية المطلوبة "خوفاً على الأرواح وحفاظاً على الممتلكات".
وتعد حالة الزوري واحدة من عشرات حالات الابتزاز والخطف التي يتعرض لها سكان محافظة درعا في الجنوب السوري، والتي بدأت عقب اتفاق التسوية في تموز 2018 بين النظام السوري وفصائل المعارضة برعاية من موسكو.
ويعود تنامي هذه الظاهرة إلى الفوضى الأمنية الكبيرة التي تشهدها المحافظة وخاصةً في الأرياف، حيث تتهاوى مزاعم النظام حول استتباب الأمن في المحافظة، الذي لا يعدو مربّعه الأمني في حي درعا المحطة.
كما يلعب انتشار السلاح والمخدرات دوراً كبيراً في تفشي عمليات الخطف نظراً إلى الحاجة للمال وتحصيله بأي طريقة. وشجعت حوادث الخطف والابتزاز بعض الأشخاص على ارتكاب جرائم قتل بدافع السرقة، وهي ظواهر لم تكن معروفة سابقاً في درعا.
ووثق تجمع أحرار حوران المعارض أكثر من 26 حالة خطف في عام 2022 حتى الآن في محافظة درعا. ويتهم أيمن أبو نقطة الناطق باسم التجمع خلال حديث لعين المدينة عصابات محلية مدعومة من قبل أجهزة النظام الأمنية بالوقوف خلف عمليات الخطف والابتزاز.
ويشير إلى حيازة عناصر هذه العصابات بطاقات أمنية تتيح لهم سهولة الحركة والتنقل، وتعمل بملفات عدة منها ملف الخطف والاغتيالات. ويضيف بأن "العصابات تقوم -بتوجيه من رؤساء الأفرع الأمنية- بتمويل أنفسها من خلال أخذ فديات مالية كبيرة من ذوي المخطوفين وإثارة النزاعات في المنطقة".
لا تقتصر الانتهاكات التي يتعرض لها سكان درعا على الخطف فقط وفق أبو نقطة، إذ تنتشر عمليات الابتزاز والتي تهدف لإرهاب التجار والأطباء وميسوري الحال من خلال رسائل نصية أو ورقية، يطلب فيها المبتزون مبالغ مالية وفق منطق "ادفع تسلم".
ويؤكد أبو عبيدة الناشط من مدينة نوى شمالي درعا لعين المدينة، تعرض أكثر من خمس صيدليات في مدينة نوى للاستهداف بالرصاص من قبل مجهولين قبل أشهر، نتيجة عدم تعاونها مع المسلحين المجهولين الذين طلبوا في وقت سابق مبالغ مالية. ويوضح أن من بين مجموعة المسلحين الناشطة في نوى "نصر العمارين" وهو قائد مجموعة تتبع لفرع أمن الدولة.
يرفض ذوو المخطوفين أو الأشخاص الذين تعرضوا لحالات التهديد بالقتل إدلاء تصريحات لعين المدينة لأسباب أمنية، وهذا ما جعل عملية توثيق الحالات تتم من خلال التواصل مع أشخاص مقربين أو سكان يقيمون داخل المنطقة المستهدفة.
في حين لا يستطيع السكان دفع المبالغ الطائلة التي يطلبها الخاطفون، ما يضطرهم إلى إطلاق مناشدات إنسانية من المغتربين، وطلب "فزعات" من الأهالي الميسورين. كما يلجأ قسم كبير من المضطرين لبيع ممتلكاتهم من أجل جمع مبالغ الفدية.
وتتوزع خارطة الخطف والابتزاز بين مدن نوى والصنمين وتسيل ومحجة شمالي درعا، والمسيفرة جنوباً، وبصرى الشام شرقاً، والمزيريب وداعل وابطع غرباً.
وفيما تعد العصابات المدعومة من النظام السوري على رأس القائمة ضمن شبكة الخطف، يمكن أن تبرز في بعض الأحيان جهات أخرى مثل شخصيات كانت تابعة أو موالية لتنظيم الدولة الإسلامية والتي تقوم بتهديد بعض السكان، مثل أبو خالد الفلسطيني الذي يقدم نفسه خلال التهديدات على أنه تابع للتنظيم. لكن النقطة الأخيرة يصعب التأكد منها نظراً لتشابك العلاقات بين هذه العصابات، إذ يحتمل أن يكون الفلسطيني اسماً مستعاراً لأحد أفراد العصابات كما يحلل البعض، أو مدفوعاً من قبل عصابات مدعومة من قبل النظام وفق رأي البعض الآخر.