- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
رغم التهديد بحملة عسكرية.. مدارس إدلب تستقبل أطفالها
لا تبدو الأخبار والتصريحات، بشأن معركة مرتقبة قد تشهدها محافظة إدلب المحررة، ذات وقع ملحوظ على حياة الأهالي ونشاطاتهم اليومية والأحداث الموسمية، فمنذ أيام قليلة بدأ المعلمون والطلبة رحلة التعليم والتعلم معلنة بدء العام الدراسي الجديد بإقبال جيد جداً في بلدات وقرى إدلب وريفها.
شهد طفلة في الصف الخامس، من قرية (جوزف) في جبل الزاوية، تبدو مسرورة جداً بعودتها إلى المدرسة، وقد جهزت الدفاتر والأقلام، وانطلقت صباحاً إليها برفقة صديقاتها "كنت أنتظر المدرسة بفارغ الصبر، وأنا متشوقة لرؤية معلمتي الجديدة وصديقاتي"، قالت شهد التي أظهرت انزعاجاً بعض الشيء، عندما أردفت "لم أشترِ حتى الآن حقيبة جيدة، لأن ثمنها مرتفع قليلاً. وقالت أمي أن أنتظر ريثما يقبض بابا راتبه"، من ثم ركضت شهد وصديقاتها نحو باب المدرسة وقرع الجرس.
في قاعة المدرسين، كان الأساتذة يحتسون الشاي، بينما كانت الباحة في الخارج تعج بالطلاب. شرح مدرس الرياضيات بدر الدين ديبان: "انطلقنا إلى المدرسة صباح يوم السبت الأول من أيلول في الساعة السابعة والنصف صباحاً. وكنا قد أخبرنا أولياء الأمور عن طريق مكبر الصوت؛ في اليوم الأول كان الإقبال على المدرسة جيداً جداً مقارنة بالإشاعات التي انتشرت مؤخراً عن نية تقدم للنظام ".
تحوي قرية (جوزف) ثلاث مدارس، حلقة أولى وثانية، مدرسة منها مدمرة نتيجة القصف، والباقي تعرض للضرر بشكل جزئي، قام أهل القرية على إصلاحها قبل العام الدراسي الجديد، وباتت تستوعب حتى 900 طالب.
وبحسب الأستاذ، فإن المدارس تعاني من مشكلة نقص الكادر التدريسي بسبب هجرة المدرسين، وقلة المنظمات الداعمة، "لكننا وضعنا خطة من أجل رفد بعض المتطوعين من الأساتذة حتى نسدّ بعض الشواغر". "ومن التوجيهات الجديدة لإدارة المدارس، استقبال أطفال العوائل المهجرة بشرط إثبات الشخصية فقط "، أوضح الأستاذ بدر الدين.
وصف الناشط حسان الحسن، من جبل الزاوية، منظر الطلاب وهم يتوجهون صباحاً إلى المدرسة بالمنظر المهيب والرائع، "أحب مراقبتهم وأنا أحتسي قهوتي صباحاً.. منظرهم يوحي ويقول للجميع: أن لا حرب تهزمنا، ولا قصف يخيفنا".
تتبع مدارس جبل الزاوية للحكومة المؤقتة المدعومة من الكومنيكس، مع وجود بعض المدارس التي فيها يتشارك في تبنيها النظام والائتلاف، ولكن بأعداد قليلة.
ومن الجبال والقرى إلى المدن، كان المشهد لا يختلف؛ ففي معرة النعمان دارت عجلة التعليم بشكل ممتاز، وفقاً لمدير مكتب التعليم في المعرة مصطفى ذكرى. وأوضح أن أعداد الطلاب في ازدياد نظراً لقدوم المهجرين من محافظات مختلفة إلى إدلب، وخاصة إلى المعرة. وتابع (ذكرى) "الشائعات التي يبثها النظام وأعوانه، والحرب النفسية لقيام معركة ضد إدلب، لم تثننا عن عملنا ومواصلة مشوار التعليم". وتضم المعرة 28 مدرسة، منها سبع مدارس خارج الخدمة بسبب قصف تعرضت له من قبل طائرات الأسد .
مديرية التربية والتعليم في إدلب أصدرت بياناً علقت فيه عمل المدارس في ريف جسر الشغور، بعد تعرضها للقصف مجدداً، وتحدث البيان عن أنها ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، استهداف مدارس ريف إدلب؛ وقد تحدث مدير التربية قائلاً: "نقوم بتوثيق جميع الغارات والانتهاكات الحاصلة للمدارس والمرافق التعليمية، منذ سنوات، ونزود بها مسؤولي التعليم بجميع المنظمات والهيئات الأممية، لكن لا يوجد قرار سياسي لحماية الأطفال السوريين منذ اندلاع الثورة، فاستهداف المرافق العامة، ولا سيّما المدارس، هي من أهم ما يتميز به العدوان الروسي بحربه ضد الشعب السوري".
وركزت روسيا، منذ تدخلها الأول إلى جانب النظام السوري في أيلول 2015، على استهداف المواقع الحيوية، كالمراكز الطبية والمدارس، وكانت من بينها مجزرة مدرسة مدينة حاس، تشرين الثاني 2016، التي راح ضحيتها أكثر من 20 طفلاً، جراء قصفها بالصواريخ الفراغية.
و (تعليق الدوام) أشدّ الإجراءات التي يمكن أن تتخذها مديرية التربية، في حال اندلعت معركة، أو شهدت المناطق قصفاً مكثفاً؛ ويرى القائمون على الشأن التربوي، أن انطلاق العام الدراسي بمثل هذه الظروف ليس خطأً، وإنما النظام هو من يرتكب الأخطاء والتجاوزات، بقصفه المدارس، وحرمان الطلاب من حقوقهم في التعلم، مؤكدين أن العام قد انطلق، ولن يتوقف حتى اجتياز الطلاب مرحلة دراسية جديدة.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) قد حذرت من تعرّض حياة ما يزيد على حياة مليون طفل سوري في محافظة إدلب للخطر.