ليست هذه الحوادث من أخبار الحمقى والمغفلين، كما أنها ليست خرقاً للمألوف بحيث تشكّل استثناءً أو تصرّفاتٍ فرديةً بحسب التعبير الشائع. بل هي من الكثرة لدرجة أن فكرة (الإصلاح من الداخل) أصبحت تتردّد على ألسنة شرعيي تنظيم الدولة والمتحمسين له، بينما يُقرّ عناصره بوجود الأخطاء دون أن يعترفوا أنهم مادتها.
- في أوّل دخولٍ للتنظيم إلى مدينة دير الزور تجوّل تجار مخدراتٍ معروفون على دراجاتهم في الشوارع وهم يصرخون "باقية". اليوم؛ بعضهم مبايعٌ ويحظى البعض الآخر بمكانةٍ كبيرةٍ لدى المتنفذين في المدينة.
- قضى أحد مقاتلي الجيش الحرّ السابقين عدّة أشهرٍ في سجون التنظيم بتهمة إخفاء أسلحة. وأُوسع ضرباً خلال تلك الفترة. في بداية اعتقاله أخبره سجّانوه أن لجنةً قضائيةً مركزيةً في طريقها إلى السجن، وحذّروه من إخبارها عن تعرّضه للضرب. بعد أيامٍ دخل إلى زنزانته ملثمون يتكلمون اللهجة العراقية، يسألون إن كانت لديه شكوى، أو إن كان قد تعرّض للضرب، فردّ بالايجاب، ليكتشف أن الملثمين هم سجانوه أنفسهم، بعد أن أسفروا عن وجوههم ثم انهالوا عليه بالضرب من جديد. تكرّر الكمين في الأيام اللاحقة لعدّة مرّاتٍ، حتى جاءت اللجنة بالفعل، فقال الرجل لهم إنه يريد مبايعة التنظيم!
- أثناء مشادّةٍ كلاميةٍ بين عنصرٍ في "الشرطة الإسلامية" وأحد المدنيين؛ خرج شابٌّ حمصيٌّ يسكن في دير الزور، مع بعض الجيران، لتهدئة النفوس. كان العنصر يطلب مؤازرةً عبر اللاسلكي حين طوّق الحمصيّ كتفه وقال له بلهجته الغريبة على العنصر: "طوّل بالك أخي. الواعة الكبيرة بتسع الواعة الصغيرة". ابتعد العنصر قليلاً، ونظر مباشرة في عيني الحمصيّ وقال له: "هذا حديث غير صحيح!".
- في شارع التكايا صدمت سيارة الشرطة رجلاً على دراجته الهوائية، فقال للسائق: "الله يسامحك". نزل السائق غاضباً وهو يصيح بالرجل: "من أنت حتى تسامح الدولة الإسلامية؟!".
- بعد أن قطع التنظيم التيار الكهربائيّ عن المدينة وأعاد توزيعه على الأهالي بسعر ألف ليرةٍ لكلّ أمبير وأربعة أمبيراتٍ كحدٍّ أقصى للاستجرار؛ قام عمال الكهرباء بجولاتٍ لفحص القواطع المنزلية ومطابقتها مع الاشتراك المسجّل. وصلوا، في إحدى الحواري، إلى منزل خطيبٍ وإمامٍ معتمدٍ لدى التنظيم فوجدوا القاطع باستطاعة ثلاثة أمبيرات (يحمل القاطع استطاعته بالرقم) بينما يشير فحص الشريط الداخل إلى المنزل إلى أكثر من عشرين أمبيراً. بعد تدقيق القاطع اكتشفوا أنه باستطاعة 32 أمبيراً، لكن الإمام كان قد حكّ رقم 2 عنه.
- على حاجز مدخل المدينة الشماليّ تتوقف سيارة نقلٍ عموميٍّ للتفتيش. يطلب أحد العناصر من الركاب الترجل، ويقترب من أوّلهم. يضع أنفه على بعد 10 سنتمتر تقريباً من فم الرجل، ويسأله: "هل تدخن؟ بصراحة". فيجيب الرجل نعم. يتراجع العنصر إلى الوراء منتفضاً، ويطلب منه انتظار سيارة الحسبة لتأخذه إلى الحفر. يكمل العنصر التفتيش مكرّراً السؤال ذاته، لكن مع إجابات الركاب بالنفي، رغم أنهم يدخنون. بعد قليلٍ يسأل "أمير الحاجز" المعتقلَ المدخّن: "لماذا تستفز الأخ وتقول له أنا أدخن؟ جكر!". فيردّ المعتقل: "هو سألني، فهل أكذب عليه؟!". يقول الأمير: "لا تكذب، بس لازم تستتر".
- في حافلةٍ في دوّار الحلبية يجلس أحد عناصر التنظيم، بسلاحه وعتاده، إلى جوار السائق. ينتظر -مع بقية الركاب في الخلف- أن تمتلئ السيارة لتنطلق بهم إلى مدينة الميادين. تحت أشعة الشمس تمرّ سيارةٌ تحمل مضاداً للطيران، خلفه الرامي يضع يده فوق عينيه وينظر إلى السماء. يلتفت العنصر إلى الركاب ويقول: "الأخ يضع يده فوق عينيه ليسدّ الشمس.. ألم يسمع قول الله تعالى: {والشمس وضحاها}!".
- قال أحد الأمراء لمقاتلٍ من إحدى الكتائب، بعد أن استتبّ الأمر للتنظيم: "أنتم مرتدّون لأنكم لم تبايعوا الدولة". ردّ عليه المقاتل: "ولكننا نصلّيّ"، فأجابه الأمير: "بشار الأسد يصلّي".