- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
حياة من قلة الموت .. نازحون على الحدود مع الجولان المحتل ينتظرون مصيرهم المجهول
مصير مجهول ينتظر مئات ألوف النازحين من قرى وبلدات ريف درعا الغربي على حدود الجولان المحتل، وهم ينتظرون ليحصلوا على المساعدات من خيم وطعام وبعض المال، بعد أن هربوا تخوفاً من ارتكاب النظام لمجازر بحقهم جراء القصف، فضلاً عن تخوفهم من عقد المصالحات وتسليم مناطقهم للنظام، وبالتالي ارتكابه مجازر من نوع آخر، وهو ما اعتاد فعله في مكانات أخرى.
يتجمع على حدود الجولان نحو 170 ألف نازح، يتوزعون على بلدة بريقة وقرى بيرعجم والرفيد والمناطق التابعة لها، والمعلقة ومزارعها وصيدا وغدير البستان، بينهم 2200 عائلة في المعلقة، و4000 بصيدا، و20 ألف في الرفيد، و25 ألف عائلة أخرى في بريقة. لا تضم العائلات النازحة في الغالب أبناءها الشباب الذكور، ويشكل الأطفال والنساء والرجال المسنين غالبيتها، يعيشون ظروفاً إنسانية غاية في الصعوبة، حيث تنعدم لديهم مقومات الحياة البسيطة، من الغذاء والمياه النظيفة وغياب كامل للحمامات وافتقار المشافي وعجزها عن تقديم العلاج والدواء.
يقول أبو جميل، إنه هرب مع عائلته من غرب درعا إلى الشريط الحدودي مع الجولان المحتل، تخوفاً من الحملة العسكرية الهمجية التي أطلقها النظام على جنوبي سوريا. خرج أبو جميل من منزله ولم يحمل معه شيئاً إلا القليل من المال، فاضطر إلى شراء البطانيات ليبني فيها خيمة تؤويهم، مشيراً إلى انتشار العقارب والأفاعي بشكل كبير في المنطقة، الأمر الذي تسبب بوقوع عدة حالات وفاة جراء لدغاتها. لكنه رغم ذلك يحذر كل من يصل إليه صوته من عقد مصالحات مع النظام، كما حدث في مدن وبلدات الريف الشرقي، مؤكداً أنه في حال تم عقدها، وخُيّر بين العودة إلى منزله والتهجير، فسيختار التهجير بشكل قاطع، لأنه لا يستطيع "العيش في ظل نظام مجرم وطائفي".
يؤكد أبو جميل شبه انعدام للخدمات الصحية، مع وجود مشفى الرفيد، التي لا تستطيع خدمة كل هؤلاء النازحين، وقد استضيف عدد من النازحين في منازل القاطنين هناك، أما الأكثرية فافترشت الأرض تحت الأشجار، فيما تحاول عدة منظمات، منها منظمة سوريا للإغاثة والتنمية (SRD) وأشخاص مستقلون يتلقون المساعدات من إسرائيل، تقديم المساعدة للعائلات النازحة. وبلغت المساعدات التي تم تقديمها للنازحين حتى الآن نحو 400 خيمة، و15 طن من المواد الغذائية، ونحو 30 طن من الألبسة، في ظل ارتفاع الأسعار بشكل كبير، وعدم قدرة النازحين على توفير المال، بينما لم يحرك موظفو الأمم المتحدة ساكناً ولم يقدموا أي مساعدة، بل اكتفوا بالمراقبة من الأبراج التي يتمركزون فيها على الحدود.
وتزداد أوضاع النازحين سوءاً مع مرور كل يوم. إذ تسبب مبيتهم في العراء، وانتشار الحشرات جراء درجات الحرارة المرتفعة خلال فصل الصيف، إلى تعرض العديد منهم إلى لدغات العقارب، كما أصيب أطفال بضربة الشمس وأمراض بسبب الحرارة، في ظل عدم توفر الأدوية أو النقاط الطبية في أماكن تجمع النازحين، ويتوجه الأهالي بالمصابين إلى مشفى الرفيد ونقاط قوات الأمم المتحدة على الحدود، إضافة إلى نقطة طبية في بلدة المعلقة تابعة لإسرائيل.
تشرح أم أحمد بصوتها الضعيف، أنها نزحت من ريف درعا الغربي إلى القنيطرة هرباً من القصف، علّها تجد شيئاً من الراحة، لكنها اصطدمت بواقع أليم ومأساوي، فتصف الأوضاع هناك بأنها "حياة من قلة الموت"، نتيجة فقدهم لكل شيء، من المسكن الآمن والمياه والحمامات، وخوفهم على حياة أطفالهم، متسائلة في حال مرض ابنها أو تعرضه للدغ في تلك الأراضي الزراعية فأين ستتوجه به؟
وتبقى الأزمة الإنسانية لهؤلاء النازحين على الشريط الحدودي مع الجولان المحتل، وفي بلدات محافظة القنيطرة الواقعة داخل خط وقف إطلاق النار، هي أزمة لا توصف بسبب بقائهم في منطقة جغرافية صغيرة، تعاني مسبقاً من تجمع النازحين فيها ومعاناتهم من ظروف معيشية صعبة.
فيما تبدو السيناريوهات الأسوأ في مشهد نازحي محافظة درعا ما زالت مفتوحة، مع عدم وضوح المشهد العسكري على الأرض، وهو ما يعني أن أعداد النازحين سترتفع بشكل كبير، وستكون حدود الجولان المحتل الوجهة الوحيدة أمامهم، الأمر الذي قد لا يستبعد تدخلاً عسكرياً محتملاً للقوات الإسرائيلية لحماية أمن حدودها الشمالية، سواء بالضغط لإيقاف حملة النظام العسكرية، أو ربما التقدم داخل الحدود وإنشاء مخيمات داخل الشريط الحدودي وتوفير الحماية لها، لكنها رغم كل تلك الاحتمالات تعتبر بشار الأسد حليفها المستقبلي، عبر تصريحات محللين وسياسيين وناطقين فيها، وتبارك تسلّم ميليشياته الشريط الحدودي.