- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
جهاز البثّ الفضائيّ اليوم للاستخدام الشخصي أيضاً...
خلال تركيب إحدى شبكات الإنترنت الفضائي | الميادين
عادةً ما كانت وسائل الاتصال الحديثة تأخذ وقتاً طويلاً حتى يتمّ استيعابها والتآلف معها من قبل الشرائح المختلفة. وربما تعدّ شريحة الشباب من أكثر تلك الشرائح الاجتماعية استيعاباً لها. إلا أن الثابت أن الثورة كان لها دورٌ كبيرٌ جداً في تسريع عملية التفاعل هذه، وخاصةً لدى كبار السن، الذين فرضت عليهم أحداثها الاعتماد على النفس في التعامل مع وسائل الاتصال الحديثة.
ولعل المهتمّ بهذا البحث سيلفت انتباهه الانتشار الواسع لأجهزة البثّ الفضائيّ، بشكلٍ يتعدّى الأغراض التجارية إلى استعمالها كغرضٍ شخصيٍّ يتوافر في كل منزل تمكّنه أحواله المادية من شراء هذا الجهاز.
"عين المدينة" التقت بالسيد أبو عبد الرحمن، أحد العاملين في مجال تركيب أجهزة البثّ الفضائيّ، والذي حدثنا عن انتشارها وأسباب ذلك قائلاً: أنا أعمل في هذه المهنة منذ بداية انتشار هذه الأجهزة. وقد قمت، مع الشباب الذين يعملون معي، بتركيب حوالي 500 جهاز بثٍّ في الميادين وحدها. وتنتشر آلافٌ منها الآن في ريف دير الزور. والتغطية عموماً إما عراقيةٌ أو تركية. وبالنسبة إلى دير الزور كانت المنافسة بين شركتي "هيوز" و"تو واي". وقد خرجت الأخيرة من المنافسة لسوء تغطيتها في المحافظة في الآونة الأخيرة. وظهرت شركةٌ أخرى الآن هي "إنتر ناشيونال"، وتتميز بجودة التغطية مقارنة بالهيوز. كانت الأجهزة في البداية خاصةً بالناشطين الثوريين، وبعد ذلك بدأت تظهر لدى المؤسسات التي تعمل على الأرض، ثم بدأ انتشارها بوضوحٍ لأغراضٍ تجارية، وهذا كان الاستخدام الأوسع لها. إذ استغلّ العديد من أصحاب المحالّ، وخاصةً محالّ الاتصالات، هذه الأجهزة لاستمرار عملهم، بعد توقف العمل في شبكتي الخليوي أريبا وسيرياتل بشكلٍ شبه كامل. انتشرت أجهزة النت الفضائيّ في البداية في مدينة الميادين، ثم أخذت بالتوسع حتى انتشرت في ريف المحافظة ككلّ. وأصبحت المحالّ التي تحوي هذه الأجهزة بمثابة مقاهي للنت ومراكز للاتصالات.
شركات النت الفضائي و نفط دير الزور
إلا أن اللافت الآن هو استخدام هذا الجهاز كجهازٍ منزليّ، فقد صرت تراه لدى الكثير من الناس دون أن تكون لاقتنائه أيّة مبرراتٍ تجارية، بل يستخدم فقط بغرض التواصل العائليّ والاجتماعيّ. ساعد على ذلك ضخّ المال بشكلٍ كبيرٍ جداً لم تكن هذه المناطق معتادةً عليه بهذه الصورة؛ إنه المال السهل المتدفق من آبار النفط. فلم يعد أمراً مثيراً للدهشة أو للاستغراب أن يدخل أحد العاملين في هذا المجال لشراء جهاز بثٍّ فضائيٍّ من أجل تأمين التواصل بينه وبين أقاربه، أو من أجل استخدام أبنائه لوسائل التواصل الاجتماعيّ، الفيس بوك غالباً. فأسعار هذه الأجهزة صارت في متناول اليد بالنسبة إلى الكثيرين، فما بالك بهؤلاء!
وعن توقعاته لآفاق العمل بهذه الأجهزة سألنا محمود نوري، أحد أصحاب المحالّ التجارية التي تبيع النت الفضائيّ، فأفادنا بالقول: هي موجودةٌ ما دامت الثورة مستمرّة، وبالتالي استمرار انقطاع الاتصالات. إلا أن الثابت أنه، شيئاً فشيئاً، سوف تتحوّل هذه الأجهزة إلى أجهزةٍ منزليةٍ يحتاجها كلّ بيتٍ في المناطق ذات الاستقرار النسبيّ، مثل ريف الميادين، بالرغم من ارتفاع أسعارها وانخفاض مستوى المعيشة بالنسبة إلى الكثير من الشرائح الاجتماعية. كانت أسعارها تتراوح بين 850 إلى 950 دولاراً، وارتفعت الآن لتصبح بين 1050 دولاراً للهيوز و1100 دولاراً للإنتر ناشيونال. إلا أن كثيراً من الناس يسعون إلى اقتنائها، ويتعاملون معها كغرضٍ أساسيّ، كما كان الناس يتعاملون مع الهاتف الجوّال في بداية انتشاره. يمكن أن تكون هذه الفكرة غريبةً قليلاً، إلا أنني أعمل في هذا المجال وأدرك أن دخوله إلى المنازل بشكلٍ واسعٍ، كأداة اتصالٍ، أمرٌ لا بدّ منه.