- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
جثث مرمية على الطرقات وسيارات محروقة.. مظاهر الجريمة المنظمة اليومية في الساحل
باتت صفة الانفلات الأمني مرتبطة بكل مناطق الساحل السوري، وسط أخبار لا تنقطع عن جرائم قتل وسرقة وخطف وسواها تتردد بين حين وآخر، في ظل عجز واضح من قبل المؤسسات الأمنية وجهاز الشرطة عن ضبط الوضع العام، أو الإشارة المباشرة إلى مرتكبي هذه الجرائم، الذين يعلم غالبية سكان مدن وقرى الساحل أسماءهم وارتباطاتهم وعلاقاتهم المتشعبة في دوائر اتخاذ القرار لدى النظام السوري.
وجود جثة على قارعة طريق عام أو في مكب القمامة بات ظاهرة متكررة خاصة في مدينتي اللاذقية وجبلة، لتختَتم القضايا بدفن تلك الجثث من قبل عائلاتها، وإجراء ضبط أمني يُودَع في أدراج أقسام الشرطة هناك، مع تحقيقات توصف بأنها جارية لإلقاء القبض على الفاعلين. الفاعلون هنا قد يتجولون في مسرح الجريمة دون أي خوف من إلقاء القبض عليهم، فما تمتلكه العصابات القائمة بهذه الأعمال يفوق قدرة أي مؤسسة أمنية في الساحل على إلقاء القبض عليهم.
العقيد عمر أسود المعروف باسم "آصف أبو علي" وجد مقتولاً مطلع الشهر الحالي على طريق جبلة- بترياس، بعد اختفائه مع سيارته بأيام، ليتم دفنه في قريته بيت عانا التي ينتمي إليها كذلك العميد سهيل الحسن "النمر"، ولم يلعب انتماء العقيد المقتول لقرية وأسرة تمتلك عشرات الضباط في مختلف قطع الجيش السوري ودوائره الأمنية أي دور في كشف الفاعل، الذي أشيع فيما بعد أنه ابن خالته وأنه فار من وجه العدالة.
من القرية نفسها وجدت جثة الصناعي وحيد عباس الذي قتل عن طريق الاستهداف بالرصاص، ورميت جثته أيضاً على قارعة الطريق دون أن تؤدي التحقيقات إلى اعتقال الفاعل، الذي يشير إليه المحامي منصور علي من ريف اللاذقية بأنه معروف، وتربطه علاقة بميليشيا الدفاع الوطني العاملة في ريف اللاذقية، وفق شهادته لمجلة عين المدينة.
سكان قرية عين الشرقية في ريف اللاذقية أيضاً وجدوا جثة الشاب علي أمون مرمية على طرف الطريق العام، وذلك بعد اختفاء الشاب مع سيارته قبل أسابيع، السيارة التي وجدت محترقة بالقرب من موقع الجريمة، وتختلف هذه عن سابقاتها بأن يد الشرطة طالت المجرم، وتم اعتقاله واعترافه بالقيام بها كونه "غير محمي بشكل كامل من قبل أية ميليشيا أو تجمع مسلح في المنطقة" وفق المحامي ذاته.
عام 2017 شهد عشرات الجرائم المماثلة، فتوفي -مثلاً- الشاب أيمن سكيف من بلدة بيت ياشوط في المستشفى بعد تعرضه لضرب مبرح، وأشيع حينها أن مصدره عائلة فتاة كان قد رغب الشاب بالتقدم للزواج منها؛ وكذلك وُجدتْ جثة الشاب نزار أبو العروس من قرية دمسرخو بعد تعرضه لإطلاق نار من قبل مجهولين؛ فيما تعرض الشاب رامز عديرة للطعن بأداة حادة في بلدة سقوبين بريف اللاذقية، لتسجل كل تلك القضايا ضد مجهولين.
لا يكاد يمر أسبوع في مدينة اللاذقية وريفها إلا ويرد فيه خبر اختطاف تاجر أو فتاة أو طفل، وطلب فدية من العائلة لإطلاق سراحه، فيما تمر جرائم سلب المحال التجارية والمنازل والمكاتب دون أن يتم ضبط العصابات القائمة بهذه الأعمال، بل إن تلك الجرائم تشهد انتشاراً جغرافياً لتشمل حتى القرى الصغيرة التي كانت في منأى عن الجريمة إلى حد ما، فيما تتطور أدوات الفاعلين، ويصبح حضورهم مباشراً ومعروفاً في القرى والمدن، دون أي شكل من أشكال الضبط الأمني، فالمسؤولون عن تلك الجرائم هم مجموعات وأفراد مسلحون تطوعوا في ميليشيات الدفاع الوطني وكتائب البعث وغيرها، وتمكنوا من امتلاك السلطة المطلقة في مناطقهم، وتقاسموا الشوارع والأحياء والقرى فيما بينهم، ليكون لكل شارع جماعة مسلحة مسؤولة عن أمنه وحمايته.
أول ما تقوم به هذه الجماعات هي ابتزاز الأهالي، ومن ثم تمارس الجرائم بشكل واضح من قتل وسلب وخطف، أما قادة المؤسسات الأمنية، فمن كان منهم على ارتباط بتكل العصابات فقد ضمن حماية نفسه مقابل تغاضيه عما يقومون به، أو سيصبح ضحية كغيره لتلك الجرائم.