- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
الصـيدلة... مهـنةٌ تدفع فواتــير الفوضى
بات من الخطير أن يسأل البعض، وخصوصاً ممن يعاني من ضائقة اليد، الصيدليّ عن الدواء المناسب، إذ لم يعد يدير الصيدليات أهل الاختصاص بالضرورة. فمدينة الميادين وحدها تحوي بين 10 ـ 12 صيدليةً يديرها ممرّضون أو باعةٌ أتاحت لهم الفوضى الناتجة عن غياب الرقابة الحقيقية فرصة مزاولة هذه المهنة الدقيقة. "عين المدينة" حاولت سبر تفاصيل هذه الظاهرة الخطيرة، لما لها من تداعياتٍ على صحة الناس.
أثناء سؤال حسن الأحمد، وهو واحدٌ من الصيادلة في مدينة الميادين، عن هذه ظاهرة الصيدليات المخالفة، أطلق زفرةً عميقةً يشوبها الألم تقرأ من خلالها الكثير، ثم أردفها بالقول: انتشرت هذه الظاهرة بشكلٍ كبيرٍ في المناطق المحرّرة من محافظة دير الزور، إذ استغلّ ذوو النفوس الضعيفة حالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة ليتاجروا هذه المرة بالدواء.
وعن المعايير التي كانت موضوعةً لضبط فتح صيدليةٍ في الفترة السابقة وضّح الأحمد: هناك شروطٌ ناظمةٌ لفتح صيدليةٍ تضبطها نقابة الصيادلة هي:
1ـ شهادة الصيدلة.
2ـ موافقة النقابة.
3ـ المسافة: بحيث تبعد عن أيّة صيدليةٍ أخرى مسافةً لا تقل عن 35 متراً في جميع الاتجاهات، أي يجب أن تكون الصيدلية وحيدةً ضمن قطاعٍ دائريٍّ نصف قطره 35 متراً.
4ـ المساحة: يجب أن لا تقلّ مساحة الصيدلية عن 20 متراً مربعاً.
5ـ عدد الصيدليات بالنسبة لعدد السكان: بحيث يكون لكل 1000 نسمةٍ صيدليةٌ كحدٍّ أعلى.
كمـــــا بيّن الأحـــمد المشـــــاكــل الحقيقية التي تعاني منها هذه المهنة الآن إذ يقول: طرأ الكثير من الإشكالات على مهنتنا بسبب الظرف الصعب والحرج الذي تعيشه مناطقنا، والمتمثل بالدرجة الأولى بغياب الجهاز الرقابيّ المتخصّص بردع هكذا أعمالٍ مخالفة، والتي أذكر لكم منها على سبيل المثال لا الحصر:
1ـ التطفل الذي تمارسه بعض مستودعات الأدوية: إذ عادةً ما يدير أماكن البيع هذه أشخاصٌ غير مختصّين، اكتسبوا معارفهم من عمليات البيع والشراء ليس إلا، ومع ذلك قد يعمل البعض منهم على استغلال المستودع كصيدليةٍ تبيع الدواء للمواطنين.
2ـ الصيادلة الممرّضون الممارسون لغير مهنتهم: فقد تجاوز عدد الصيدليات التي يديرها أشخاصٌ كهؤلاء في الميادين بمفردها 12 صيدلية. وتكمن خطورة وجودهم في عوامل عديدةٍ لعل من أهمها: يمكن أن يبيع هكذا أشخاصٌ الأدوية الخاصة بالأمراض العصبية لمن لا يحتاجها، أو يبيعون الأدوية التي قد تسبب الإجهاض، أو بيع الأدوية المقوية جنسياً لأشخاصٍ قد تسبّب لهم مضاعفاتٍ مرضيّةٍ خطيرة. ولا يقتصر الأمر عند هذا الحدّ، بل يتعدّاها إلى عدم حفظ الأدوية بشروط التخزين الصحيحة. والأشدّ من هذا وذاك عندما يتجاوز انتحال هؤلاء المتطفلين حدود مهنة الصيدلي، بل يصل في بعض الأحيان لأخذ دور الطبيب. فبسهولةٍ شديدةٍ يصف الدواء لأغلب الزبائن، مستغلاً فقر الكثيرين وعدم استطاعتهم الذهاب لعيادات الأطباء، وتحمل الأعباء المادية للمعاينة.
احتيال أهل المهنة ذاتهم!
يبدو أن المشاكل التي تعاني منها الصيدلة لم تكن من المتطفلين عليها فقط، إذ إن بعض الصيادلة راح يحتال أيضاً من خلال فتح أكثر من صيدليةٍ باسمه. وعن هذا يحدثنا خلف. م. العليان، وهو من أهالي قرية بقرص تحتاني، بقوله: قام أحد الصيادلة، الذي يملك صيدليةً في قرية بقرص فوقاني، بفتح أخرى لأخيه الممرّض في قرية بقرص تحتاني، مستهتراً بكل المعايير المهنيّة التي تمنع فتح أكثر من صيدليةٍ بشهادةٍ واحدة. ومثل هذه الحالات تتكرّر في مناطق كثيرةٍ من ريفنا في هذا الظرف الحرج، فمثلاً ترى صيدلانياً يوقع عقد عملٍ مع إحدى المنظمات أو الجهات العاملة بكثافةٍ في مناطقنا هذه الفترة، ويسلم صيدليته ليديرها أحد الباعة أو الممرّضين، مساهماً بذلك في إفساد المهنة وتعدّي غير المختصّين عليها.