أطفال من موحسن أثناء توزيع سلل الإغاثة
غيّرت الثورة الكثير من المفاهيم والتصورات لدى المواطن السوريّ، وأسهمت في تحوّلٍ كبيرٍ على مستوى شخصيته وقدرته على التحمّل، إلا أنها بدأت مؤخراً بالعبث بخارطته الغذائية. فالسوريّ الذي اعتاد، مثل أكثر شعوب الأرض، على تناول ثلاث وجباتٍ يومياً، بدأ في الآونة الأخيرة بتغيير عاداته الغذائية، مدفوعاً بالظروف المعاشية الصعبة التي يعاني منها.
"عين المدينة" رصدت هذه الظاهرة في عددٍ من المنازل، فالتقت بالسيدة "ديمة عثمان"، الناشطة في مجال العمل التطوعيّ، التي قالت: إن الظرف الماديّ الصعب للعديد من الأسر في دير الزور وريفها لا بدّ أن يؤثر على طبيعة غذائها، فكثيرٌ من عائليها قد فقد عمله، وخاصةً من ذوي المهن، الذين لم يجد كثيرٌ منهم عملاً مناسباً في المكان الذي نزحوا إليه فبقوا بلا دخل. عدا عن ارتفاع أسعار الإيجارات بما لا يترك من الدخل - إن وجد - شيئاً يذكر. هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى نلاحظ غلاء المواد الغذائية الأساسية الخاصة بوجبتي الإفطار والعشاء. بالإضافة إلى سببٍ آخر يرتبط بالمعونات الغذائية وأنواعها؛ فهذه المساعدات، التي تقدمها جهاتٌ إغاثيةٌ عديدةٌ في المدينة والريف، تعتمد بصورةٍ أساسيةٍ تقديم موادّ يمكن استخدامها في وجبة الغداء فقط، مثل الأرز والبرغل والعدس، ولا يتمّ التركيز فيها على موادّ يمكن أن تستخدم في وجبتي الإفطار والعشاء. وكثيرٌ من العائلات كانت تعتمد على هذه السلل الغذائية - قبل إغلاق الطريق بين دمشق ودير الزور – بل كانت تكتفي بهذه المعونة التي تتمثل في دعم وجبة الغداء فقط، فوجدت هذه الأسر نفسها تفقد وجبتي الفطور والعشاء شيئاً فشيئاً، وتركز على وجبةٍ واحدةٍ في اليوم. عدا عن أن الإنسان الذي لا يمتلك دخلاً عالياً يمكن أن يسدّ كامل احتياجاته عليه أن يوازن بين هذه الاحتياجات، ويحاول قدر الإمكان تقديم الأهمّ على المهم. ففي فصل الشتاء مثلاً كان على الكثير من فقراء النازحين وفقراء المدينة على السواء أن يختاروا بين الشبع والدفء، فإما أن ينام طفلك دافئاً أو ينام جائعاً. وفي هذا الشتاء القاسي وجد العديد من الفقراء أن طفله قد لا يموت "مباشرةً" إن لم يأكل كما يجب، ولكنه قد يموت إن لم يشعر بالدفء، فقد حدثت في المدينة حالات وفاةٍ بسبب البرد، جعلت الكثير من الآباء يحسمون خيارهم بحذف وجبةٍ أو وجبتين وشراء ما يكفي للتدفئة.
السيدة "صافية عبد الرزاق" نازحةٌ من حي الحميدية بدير الزور وتقيم في مدينة الميادين، حدثتنا عن ضيق ذات اليد الذي يضطرها إلى إجبار أولادها على تناول الخبز الحاف مع كوب شايٍ كل صباح لأنها لا تملك ثمن شراء أيّة مواد إضافية: اعتاد أطفالي الخمسة على الخبز الحاف، هو نعمةٌ من الله. وأحياناً قد يحضر الجيران لنا بعض الموادّ التي تصلح للفطور كالزعتر أو المربّى مثلاً، فأطعمها للأولاد. كما أن بعض الحصص الغذائية قد تحوي علب مربّى أو مرتديلا. أما حين يتصدق عليّ أحدهم بمبلغٍ ماليٍّ فآخر ما أفكر فيه هو شراء زيت الزيتون أو الجبنة، بل أتوجه مباشرةً إلى شراء الوقود لتدفئتهم كي لا يقتلهم البرد.
قائمة بأسعار موادّ وجبتي الفطور والعشاء:
الزيتون الأخضر أو الأسود: 300 ل.س للكيلو الواحد.
الزعتر: 450 ل.س للكيلو الواحد.
المربّى: 500 ل.س للكيلو الواحد.
الحلاوة: 500 ل.س للكيلو الواحد.
الجبنة: 450 - 550 ل.س للكيلو الواحد.
دبس التمر: 500 ل.س للكيلو الواحد.
الحليب: 80 - 120 ل.س للكيلو الواحد.
اللبن: 100 - 150 ل.س للكيلو الواحد.