- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
"فوبيا" القصف لدى الأطفال: اضطرابات ضغط الدم وسلس البول وفقدان القدرة على النطق أبرز الأعراض
من موقع CNN
لا توجد أرقامٌ عن عدد الأطفال المصابين بأعراضٍ مرَضيةٍ ذات منشأٍ نفسيٍّ نتيجة أعمال الحرب في محافظة دير الزور. ولكن، وبحسب ما يلاحظ مهتمون بـ"فوبيا" القصف، فإن واحداً من بين كلّ خمسة أطفالٍ يصاب بآثارٍ مؤقتةٍ أو دائمةٍ نتيجة تعرّضه لمواقف مرعبةٍ أثناء عمليات القصف بأشكالها المختلفة.
في مدينة موحسن –شرق دير الزور- يذكر أحد الأطباء لـ"عين المدينة" أنه وثّق لوحده (37) حالةً مرَضيةً لدى الأطفال، تسبّبت بها عمليات القصف الجوي والمدفعي لطائرات الأسد على المدينة. ويقدر الطبيب أن العدد الكليّ للإصابات يفوق هذا الرقم بكثير.
أحمد (6 سنوات) أحد ضحايا الغارات الجوية. وتقول عائلته إنه كان نائماً حين دمّرت طائرةٌ أسديةٌ منزلاً مجاوراً لهم، محدثةً انفجاراً هائلاً دفع به إلى الركض والصراخ بشكلٍ هستيريٍّ لم يتوقف عنه إلا بإسعافه إلى المشفى الميدانيّ حيث أعطي المهدئات، ليفقد بعد ذلك بساعاتٍ قدرته على الكلام. يقول أبوه: "بالمشفى لما فاق من النوم، صار يبكي ويأشر على إثمه أنه ما يقدر يحكي". ولعائشة (7 سنوات) قصةٌ أخرى مع التبول اللاإراديّ الذي أصيبت به جرّاء الغارات الجوية، مما أصابها بحرجٍ شديدٍ، فتوقفت عن اللعب من أقرانها وأخذت تميل إلى العزلة والبقاء في البيت. ولم يخفّف الهرب بعيداً عن موحسن من حالة محمود (10 سنوات)، الذي أصيب بانهيارٍ عصبيٍّ بعد أن سقطت قذيفةٌ قريبةٌ أدّت إلى بتر قدم شقيقه. فما زال محمود، ورغم نزوح عائلته إلى الأراضي التركية، يعاني من كوابيس ليليةٍ وحالات هلعٍ مفاجئٍ لدى سماعه أيّ صوتٍ مرتفع. وسجلت أيضاً حالة بلوغٍ مبكرٍ لطفلةٍ لم تتجاوز السادسة، نتيجة تعرّضها لموقفٍ مرعبٍ صاحب إحدى الغارات.
وأثناء الغارات أو القصف المدفعيّ تحاول معظم العائلات صرف انتباه ابنائها عن أصوات الانفجارات المخيفة، برفع صوت التلفاز مثلاً، أو إدخال الأطفال إلى غرفٍ مغلقة، أو نقلهم إلى أماكن بعيدةٍ إن توافرت وسائط نقلٍ في نوبات القصف التي تمتدّ لوقتٍ طويل. إلا أن هذه المحاولات لا تجدي بأيّ نفعٍ في المرّات التي تستهدف فيها مناطق قريبة.
يذكر الأطباء عدداً من الحالات المرضية ذات المنشأ النفسيّ لدى الأطفال بفعل الحرب، منها فقدان القدرة على النطق والخوف المتواصل والانفعال الشديد والنوبات الاكتئابية الحادة، ويترافق ذلك مع أعراض سلس البول واضطرابات ضغط الدم والإقياء والغثيان وغير ذلك من الأعراض والعادات الطارئة في سلوك الطفل وصحته. ولا تلقى هذه القضية القدر الكافي من الاهتمام، إذ تعدّ أمراً ثانوياً في ظلّ الظروف الصعبة التي يمرّ بها السكان. ولا يمكن معالجة هذه الظاهرة إلا بتطبيق برامج رعايةٍ تنفذها مؤسساتٌ مختصّةٌ تبدأ من إبعاد الأطفال عن العوامل والظروف المسبّبة. والجدير بالذكر هنا هو توقف كلّ المنظمات المحلية المهتمة بالأطفال عن العمل بعد سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" على محافظة دير الزور.