في دراسةٍ أصدرها مركز الجزيرة للدراسات، حملت عنوان "البناء الهيكليّ لتنظيم "الدولة الإسلامية"، يرصد الباحث المتخصّص حسن أبو هنية مراكز القيادة والإدارة في التنظيم منذ نشأته على يد الأردنيّ أبي مصعب الزرقاويّ 2003، وانتهاءً بإعلان الخلافة بقيادة أبي بكر البغداديّ. ويوثق الكاتب بالأسماء انتقال مركز الثقل في التنظيم من أصحاب الجنسيات العربية من "المهاجرين" إلى الاعتماد، بشكلٍ شبه مطلقٍ، على الأسماء العراقية.
أحاط الزرقاويّ نفسه، عند الإعلان عن تشكيل جماعة التوحيد والجهاد، بالمخلصين له، كالمصريّ أبي عبد الله المهاجر، والمسؤول الشرعيّ للتنظيم الأردنيّ أبي أنس الشامي، ومواطنه خبير المتفجرات نضال محمد عربيات، ومصطفى رمضان درويش اللبنانيّ، وغيرهم من قيادات الصف الأوّل الذين قتلوا في العام ذاته. ثم، وبمبايعة التنظيم في تشرين الأول من عام 2004 لأسامة بن لادن، وتغيّر الاسم إلى "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"، وشغور مراكز القيادة، بدأ الزرقاويّ بتسليم القيادة للعراقيين الموجودين حوله. فأعلن عن أبي عبد الرحمن العراقيّ كأوّل نائبٍ لأمير التنظيم، كما تولى أبو أسيد العراقيّ الجناح العسكريّ، وأبو ميسرة العراقيّ القسم الإعلاميّ. وبعد مقتل الزرقاويّ، أُعلن، في تشرين الثاني 2006، عن تأسيس "دولة العراق الإسلامية" التي تولاها حامد داود الزاوي (أبو عمر البغداديّ). كما أعلن المتحدّث الرسميّ باسم "الدولة" محارب الجبوريّ عن تشكيلة "حكومتها" التي طغى عليها المكوّن العراقيّ، باستثناء وزير الحرب المصريّ أبي حمزة المهاجر. وبمقتل الأخير، بصحبة أبي عمر البغداديّ،
في نيسان 2010، آلت القيادة إلى العراقيين بشكلٍ كاملٍ، بعد أن أُعلن في أيار 2010 عن أن "الكلمة اجتمعت على بيعة أبي بكر البغداديّ الحسينيّ القرشيّ أميراً للمؤمنين بدولة العراق الإسلامية، وتولية أبي عبد الله الحسنيّ القرشيّ وزيراً أوّل ونائباً له"، كما تمّ تعيين أبي سليمان وزيراً للحرب. وكلهم عراقيون.
وفي مرحلة "تمدّد" التنظيم إلى خارج العراق للمرّة الأولى، وما يوصف بالعصر الذهبيّ للـ"دولة الإسلامية"، وإعلان الخلافة، وظهور وجوهٍ جديدةٍ من المهاجرين، لم يتغيّر الوضع. إذ أمسك العراقيون بمعظم مراكز القيادة العليا في التنظيم، فاعتُمد على ضباط الجيش العراقيّ السابق في الجانب العسكريّ، من أمثال حجي بكر وعبد الرحمن البيلاوي، اللذين قتلا هذا العام، ليترأس المجلس العسكريّ الحاليّ فاضل الحيالي أو أبو مسلم التركماني المنحدر من منطقة تلعفر العراقية. وتولى الجانب الأمنيّ والاستخباراتيّ ابن المنطقة ذاتها، المكنّى بأبي علي الأنباري. كما يترأس أبو عبد الله العاني الهيئة الشرعية المسؤولة عن خطابات البغداديّ والبيانات وتنظيم المحاكم الشرعية والحسبة، بالإضافة إلى الوعظ والإرشاد في كلّ المناطق التي يسيطر عليها التنظيم. وكذا يتولى أبو الأمير عمر العبسي الهيئة الإعلامية التي تلقى اهتماماً كبيراً داخل التنظيم، والمسؤولة عن المؤسسات الإعلامية المعنية بالإصدارات المصوّرة والمسجّلة، والمطبوعات والمدوّنات والصفحات على شبكة الإنترنت. ويمسك العراقيون أيضاً بمناصب "رفيعةٍ" أخرى، كمسؤول المالية العام مصطفى محمد الكرموش، والمنسّق العام لبريد الولايات محمد حميد الدليمي، ومسؤول المضافات الخاصّة بالمهاجرين العرب، وناقل الاستشهاديين عبد الله أحمد المشهداني أبو القاسم، ومسؤول المخازن والدعم اللوجستيّ فارس رياض النعيمي المعروف بأبي الشيماء، وبعض الولاة المهمّين كوالي الجنوب والفرات الأوسط أحمد محسن خلف الجحيشي، وغيره.
أما الجهاديون من الجنسيات العربية الأخرى فيعتمد التنظيم عليهم في إدارة الوظائف المساندة والتنفيذية الأدنى في غالب الأحيان. وهكذا يوظّف الخليجيون من أمثال أبي بكر القحطانيّ وأبي همام الأثريّ (تركي البنعلي) وعثمان العسيريّ وغيرهم في الأجهزة الشرعية، ويتولّى السوريّ أبو محمد العدنانيّ وظيفة الناطق باسم التنظيم، دون أن يكون لهم دورٌ محوريٌّ في قيادة مفاصل سلطته الأساسية.