مجموعة الأزمات الدولية منظمة مستقلة، مقرها الرئيسي في بروكسل، وتضم موظفين في خمس قارات، يعملون من خلال التحليل الميداني، داخل أو بالقرب من الدول التي يوجد فيها خطر اندلاع أو تصاعد أو تكرار حدوث صراع عنيف، على إعداد تقارير تحليلية تتضمن توصيات عملية. ويعمل مجلس مجموعة الأزمات ـ الذي يضم شخصيات بارزة في مجالات السياسة والدبلوماسية والأعمال والإعلام ـ على إيصال هـذه التقارير والتوصيات إلى كبار صناع السياسات في العالم، وحشد الدعم على المستويات العليا والحكومات والإعلام، من أجل إبراز تحليلاتها وتأييد توصياتها.
يرأس مجموعة الأزمات نائبُ وزير الخارجية الأميركية الأسبق، توماس بيكيرينغ. ومديرتها التنفيذية هي لويز آربر، الرئيسة السابقة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وموقع المجموعة هو: www.crisisgroup.org
عن سوريا منذ اندلاع الثورة، صدر آخرها في حزيران الفائت، بعنوان «انتشار ورم الصراع في سورية».
وفيه ترصد المجموعة أن ما كان عند نقطة معينة صراعاً سورياً ذا تداعيات إقليمية أصبح حرباً إقليمية مركزها سورية. فيما يبدو أن الحل الأمثل، بتسوية دبلوماسية تفاوضية، ينتمي، في المرحلة الحالية، إلى عالم الخيال. كما ينبغي التخلي عن فكرة أنه تحت الضغوط المتنامية، فإن هيكلية السلطة ستتحول ضد نفسها، من خلال انقلاب عسكري أو انشقاق شخصيات هامة. فالنظام رزمة متكاملة، لا يمكن فصل الأجزاء المقبولة فيه عن الأجزاء التي يصعب القبول بها دون تهديم الصرح بأكمله. أما أن يقوم الغرب بترجيح كفة الميزان العسكري بشكل حاسم، وهذا ما يستطيع فعله بالتأكيد، رغم أن ذلك يمكن أن يتحقق فقط بتدخل أوسع نطاقاً مما يتم التفكير به حالياً أو مما يمكن القبول به سياسياً، فحتى في تلك الحالة، فإنه من غير الواضح ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى "هزيمة" النظام، أو أنه سيحوّله إلى سلسلة من الميليشيات المدعومة خارجياً.
يعتقد النظام أن الصراع سينتهي فقط باستسلام أعدائه الخارجيين والداخليين الذين ينبغي أن يقبلوا بتصوره هو للصفقة. ويتطلب تحقيق ذلك رفع تكاليف المواجهة إلى مستويات تجعل الانخراط فيها غير مجدٍ. ومن وجهة نظره، يتحمل أولئك الذين يتحدّون الوضع القائم المسؤولية عن الأضرار الهائلة والمعاناة التي فرضت على البلاد؛ وأن هدفهم الجوهري ليس "الحرية" ولا "الديمقراطية" بل تدمير سورية. ولدى النظام قواعد موالية له؛ والبعض الذي كان حيادياً في مرحلةٍ ما، نظراً لمعرفته بالفظاعات التي ارتكبها الأسد، لكن الذين أرعبهم السجل البائس لحكم المعارضة وميولها الطائفية المتزايدة، صاروا يتغاضون عن هذه الفظاعات، ويميلون نحو نظام يزعم بأنه يقاتل نيابة عن شريحة واسعة من مواطنيه.
فيما يتجمّع خصوم النظام في تركيبة تعددية ومنقسمة بعمق، وهيكلياتهم متغيرة، وداعموھم الخارجيون أقل ثباتاً وتنسيقاً فيما بينهم. ورغم ذلك، فإن المعارضة اكتسبت كتلة حرجة من الدعم وتبدو صامدة إلى حدٍ كبيرٍ ومنيعة جزئياً على تقلبات أدائها. وتتكون القواعد المكوِّنة لها من الشرائح المسحوقة الكبيرة التي تعرضت لأشكالٍ مفرطة من عنف النظام بحيث أنها لا تستطيع التراجع.
وفي المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، لا ترقى الأشكال المرتجلة، والتي لا تحظى بالموارد اللازمة للحكم، حتى إلى معايير أداء مؤسسات الدولة التي كانت متدنية تقليدياً. وبالنسبة للكثيرين فإن بقايا الدولة أفضل من لا شيء. ولكن النظام نفسه قد تحوّل، بتساھله مع السلوك المشين لعناصره، والترويج للطائفية، وتدمير مدن بأكملها، وتهجير الملايين، من شيء قريب إلى الدولة إلى شيء يشبه ميليشيا كبيرة. بينما تبدو المعارضة المتقلّبة في المنفى، تتصارع على حصةٍ من سلطةٍ لم تحصل عليها بعد.
يمكن للنظام والمعارضة أن يكونا قويين على بعض الجبهات، وضعيفين على جبهات أخرى. لقد مرّ كلاهما بعمليات رصّ صفوفٍ وتعزيز قوى، ويتمتعان بقدرٍ كافٍ من الدعم المحلي والأجنبي، بحيث يستطيعان الاستمرار. ولكن الحرب ربما تكون قد اقتربت من ذروتها، في غياب أي تدخّلٍ خارجي، فقد استعمل النظام معظم أنظمة الأسلحة التي يملكها؛ ولا يزال باستطاعته التصعيد، لكن بطرقٍ من غير المرجح أن تحقق فرقاً كبيراً. ويبدو أن قاعدته الاجتماعية وصلت أيضاً إلى أقصى حدودها، كما انعكس في الصعوبات التي يواجهها في استدعاء مجندين جدد.