- الرئيسية
- مقالات
- رأي
تجارب الأسلحة الكيماوية على المعتقلين في سورية: تعقيبٌ من نزار نيّوف، وردّ من المجلة
على خلفية المادة التي نشرتها "عين المدينة" في عددها السابق عن إجراء النظام السوريّ تجارب كيماوية على السجناء السياسيين، وردتنا الرسالة الآتية من السيد نزار نيّوف. وها نحن ننشرها هنا ونعقبها بردّنا على أبرز ما ورد فيها.
نشر موقعكم تقريراً عن قضية اختبار أسلـحة كيميائية على معتقــلين فـي سـوريا، وتـطرّق التقرير إلى اسمي باعتباري أول من تحدث عن القضية. التقرير، في مجمله، عبارة عن ترهات لا أساس له، تؤكد أن من كتبه لا يعرف شيئاً عن القضية، وأن ما قام به مجرد تجميع لمعلومات قلتها أو كتبتها في مناسبات مختلفة، قبل أن يضيف إليها أشياء وأسماء لا علاقة لها بالموضوع من قريب أو بعيد. وأبرز دليل على ذلك هو أنه يذكر شخصاً باسم "نزيه حسون"، وصفه بأنه رائد، رغم أنه كان مجرد مساعد أول في شرطة انضباط سجن تدمر، وأصبح مساعد انضباط سجن صيدنايا لاحقا! وهو يدحش اسم العميد على عبد الكريم، قائد فوج الصواريخ أرض ـ أرض، رغم أنه لا علاقة له بالأمر من قريب أو بعيد، ولم يسمع بالقصة في حياته إلا بعد أن تحدثت أنا عنها. وأظن أنه لم يسمع حتى ما قلته أنا. وفيما يلي جملة من المغالطات الغبية والفاضحة التي وردت في هذا التقرير المهزلة:
أولاً ـ أنا اكتشفت الموضوع منذ العام 1988، وعملت عليه 3 سنوات قبل اعتقالي على ذمة "لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية" نهاية العام 1991 مع 18 آخرين من زملائي آنذاك. والعميد عصام أبو عجيب كان معتقلاً منذ العام 1989 على خلفية قضية لا علاقة لها بالأمر من قريب أو بعيد، بل بكلام قاله في اجتماع قيادة الفرقة عن باسل الأسد. والعميد عصام كان قائدي خلال فترة من فترات خدمتي العسكرية مطلع الثمانينيات، قبل أن يصبح صديقي ووالد خطيبتي التي كانت على وشك أن تصبح زوجتي. وحين أبلغني العميد عصام بالقضية، كان ذلك في العام 1988.
ثانياً ـ حين اعتقلت في 2 كانون الثاني 1991، ضبطت دورية فرع فلسطين (بقيادة العميد عبد المحسن هلال) جزءاً من الملف في منزلي. وعلى أثره اجتمعت اللجنة الأمنية العليا (برئاسة علي دوبا) وحققت معي في مكتب العميد هشام بختيار (رئيس فرع المنطقة) بعد أن أصيبت بالذهول لجهة معرفتي بالقضية. فمن المعلوم أن خمسة أو ستة أشخاص في سوريا كانوا على علم بالقضية (حافظ الأسد، مصطفى طلاس، مستشاره آنذاك للشؤون العلمية، علي مملوك، رئيس مركز البحوث العلمية وبعض الأطباء والعلماء العاملين في المركز). حتى علي دوبا نفسه لم يكن على علم بالقضية التي كانت تجري داخل المخابرات الجوية. وباستثناء العميد الراحل عصام أبو عجيب، وعلي مملوك، ليس هناك شخص واحد ممن ورد ذكرهم في تقريركم كان على علم بالقضية!
ثالثاً ـ بعد انتهاء التحقيق معنا ونقلنا إلى سجن صيدنايا في العام 1992، كتب زميلنا آنذاك، المحامي أكثم نعيسة، تقريراً إلى مكتب الأمن القومي قال فيه إن نيوف يخفي جزءاً من الملف لدى زوجته في منزل أهلها. وبعد تحقيقات ومداهمات اكتشفوا تتمة التحقيق الذي كنت أنجزته حتى ذلك الحين، وهو يقع في أكثر من 500 صفحة فولسكاب! وبسببه جرى نقلي إلى سجن تدمر ووضعي في السجن الانفرادي حتى إطلاق سراحي بعد عشر سنوات.
رابعاً ـ بعد إطلاق سراحي في العام 2001، تابعت العمل على القصة، واكتشفت ـ بالوثائق التي أصبحت معي ـ تورط أربع دول غربية في الجريمة، إحداها فرنسا التي قدمت "المواد الخام" والخبرات مقابل الحصول على "النتائج العلمية"! وحين اكتشفت المخابرات الفرنسية أني أصبحت على علم بتورطهم، اختطفتني في بلجيكا خلال مشاركتي في المؤتمر السنوي للجمعية العالمية لناشري الصحف التي كانت منحتني جائزتها وأنا في السجن وقررت تسليمها لي في ذلك اليوم. وقضية الاختطاف معروفة إعلامياً، وتحولت إلى قضية أمن قومي في بلجيكا، وقضية رأي عام في فرنسا.
خامسـاً ـ بـــسبب هذا الملف، وبــسبب جرائم أخرى اكـــتشفت تورط المخابرات الفرنسية فيها على الأراضـــــي الســـــورية، غادرت فرنسا بما يشبه "الفرار" إلى بلد أوربي آخر، حيث أخضع لحماية خاصة منذ ذلك الحين، بعد أن تأكد لي أنهم لن يتركوني حياً.
سادساً ـ التـقرير، وبسبب قلة الأمانة وسوء النية وخبثها، لم يكتف فقط بإرفاق اسمي بتعابير حقيرة من قبيل "ملتبس"، بل نسب لي كلاماً لم يسمعه أحد مني. وهذا ـ بافتراض حسن النية ـ يعني أن كاتب التقرير لا يفهم فيما يكتب عنه إلا بقدر ما أفهم أنا في طبخ "الحراق بإصبعه"! وسوء النية يتضح من التعابير الحقيرة التي ألصقتموها بالناس (فلان علوي، وفلان مسيحي، وفلان سني وفلان [...] ابن [...]! متى تكفون عن هذا الهراء الحقير أيها الأوباش!؟ لعلمكم: إن تسعة أعشار الذين كانوا مولجين بارتكاب هذا الهولوكوست البيو ـ كيميائي ينحدرون من المسلمين السنة، حسب قاموسكم الرقيع والوضيع! منيح هيك؟ انبسطتوا؟).
سابعاً ـ التجارب، وبخلاف زعمكم الجاهل والغبي، كانت مستمرة حتى العام 2004 على الأقل، ولم تتوقف في العام 1988 كما زعمتم، ولدي أكثر من عشرين وثيقة على ذلك.
ثامناً ـ أنا لم أقـل في أي يوم إن الضحايا جاؤوا من سجون مختلفة، بل من سجن تدمر حصراً (وفرع التحقيق في المخابرات الجوية) وبتهم متعددة، بينها تهم جنائية بحتة. الضحايا كانوا من الأخوان المسلمين وبعث العراق والفلسطينيين (فتح) والأردنيين واللبنانيين. ولدي العشرات من التعهدات التي وقعها هؤلاء قبل خضوعهم للتجارب (باعتبارهم يهبون أجسادهم لوزارة الصحة من أجل الاختبار السريري لعقاقير طبية قيد التصنيع!).
نصيحة ختامـية: لا تدحشوا أنوفكم في قضايا لا تفهمون فيها. فهذا الملف الذي أعمل عليه منذ 26 عاماً، ولم ينته بعد فهو بحاجة لملحق تقني يتعلق بتحليل عينات "دي إن إي" للضحايا وأقاربهم، وهو ما يحتاج لخمسين ألف دولار لم أستطع تأمينها، لا يمكن مسخه بتقرير تافه ومفبرك من النوع الذي نشرتموه. ما فعلتموه مجرد [... ... ...]!
أعرف أنكـم لن تنشـروا هذه الرسالة، ولكن هي مجرد محاولة لردعكم عن الاستمرار في هذا الابتذال. ولن أتردد في شرشحتكم إذا لم تنشروا هذا الرد، وإذا ما استمريتم في هذه المهزلة التي تجمع التفاهة والغباء كما لم يجمعهما شيء آخر من قبل!
ردّ الـمـجلة:
1 - بدايةً، ها نحن ننشر رسالة السيدّ نيّوف إلينا كاملةً (باستثناء بعض الألفاظ النابية، التي استعضنا عنها بالنقاط بين قوسين [...] التزاماً منا بمواثيق ومبادئ العمل الصحفي). وبهذا نريد أن نؤكّد أن هدفنا بالأصل هو تسليط الضوء على هذا الملف الخطير وجمع وإغناء المعلومات حوله، بما فيها تلك المعلومات التي وردت في الرسالة أعلاه، دون استطاعتنا تأكيدها أو نفيها.
2 - وبناءً على ذلك كنا نتمنى من السيّد نيّوف أن يترفّع عن هذا الأسلوب من التهجم والعدوانية، سعياً وراء تكامل الجهود بتعاون جميع الجهات التي يمكن أن تسهم في ذلك، سواءً أكانت إعلاميةً أم حقوقية. وأن لا ينظر إلى هذا الملف وكأنه جزءٌ من إقطاعاته المعرفية الخاصّة التي يحظر على أيٍّ كان نبشها! فالموضوع ملكٌ لكلّ السوريين، ومن حقهم –وواجبهم- العمل على كشف ملابساته الكاملة.
3 - بالرجوع إلى الشاهد الذي اعتمدنا عليه، بشكلٍ أساسيٍّ، في المادة السابقة؛ أكّد لنا بوضوحٍ صحّة المعلومات التي أوردناها عن كلٍّ من الرائد (اللواء الآن) نزيه حسون والعميد علي عبد الكريم. وليست لدى المجلة وسائل أخرى للتأكد من مدى دقة هذه المعلومات حالياً.
4 - بالإشارة إلى تغـريدة للسيد نيوف من حسابه الشخصيّ علـى تويـــتر (انظـر الصـورة المرفقـــــة)،
التي يتهمنا فيها بالتحريــض على "تفجير" أحد المواقـع التي رصــدنا مشاركتها في هذه التجارب؛ نؤكّد أننا لم ندعُ إلى تفجير أيّ موقع، سواءً تلك التي ثبت إجراء التجارب فيها أو المشتبهة بذلك مثل موقع المزة هذا. كما أننا لا ندعو إلى الانتقام من أيٍّ من المسؤولين عن هذه الجرائم المذهلة، بل نطالب بتقديمهم إلى محاكم عادلة. وهو ما يمكن أن نلجأ إليه بحقّ السيّد نيّوف أيضاً، في حال استمراره في رمي تهم الإرهاب على فريق المجلة. أما الشتائم الواردة أعلاه فسنتغاضى عنها، لأن الوضع السوريّ الراهن أعقد وأصعب من أن يتيح "ترف" الوقوف عند كلماتٍ عارضة وغير متزنة مثل تعبيرات السيد نيوف.