انقلابٌ في تركيا!!!
عاش السوريون -والأتراك طبعاً- على أعصابهم ليلة 15/16 تموز الجاري بعد بدء تسرّب الأخبار عن المحاولة الانقلابية التركية، التي بدت أوّل الأمر قويةً ومتماسكةً... وخطرةً بالطبع. وأعادت إلى الأذهان ذكرياتٍ قريبةً عن الانقلاب المصريّ وما تلاه من تغيّر أحوال اللاجئين السوريين هناك، وأخرى بعيدةً من تاريخ الانقلابات العسكرية التركية وما تبع كلاً منها من تضييقٍ على الحرّيات والحياة الحزبية والعمل البرلمانيّ وغير ذلك مما أعجب به السوريون اللاجئون إلى تركيا وقاعدتهم الاجتماعية في المناطق المحرّرة وسواها.
وقد عزّز من هذه المخاوف ما أبداه النظام وأنصاره من احتفالٍ عارمٍ وشماتةٍ غامرةٍ بالانقلاب المفترض على حزب العدالة والتنمية والرئيس التركيّ رجب طيب أردوغان، إذ لا يزال هذا المعسكر يرفض أن يرى في الثورة السورية أكثر من مؤامرةٍ تحرّكها الدول الخارجية.
والحقّ أن ما قدّمته تركيا للسوريين عموماً، ولمعارضتهم ولثورتهم خصوصاً، من الأهمية إلى درجة أن فقدانه سيشكّل بالفعل كارثةً على استقرار وأمان وإغاثة وتطبيب وإسعاف ملايين الناس الذين سيُترَكون تحت البراميل، وهذا بالضبط ما يتمناه «شركاء» لنا في الوطن...
تقدّمت الساعات وبانت ركاكة الانقلاب. ودعا الرئيس التركيّ مواطنيه إلى النزول إلى الشارع لحماية خيارهم المدنيّ والديمقراطيّ، وهو ما كان. وبدأت وطأة الكابوس تنزاح. وأشرق صباح اليوم التالي يحمل تغييراً عميقاً في تركيا والشرق الأوسط، فقد تركت مشاهد المقاومة الجماهيرية للدبابات أثرها في تمكين المدنيين في مواجهة العسكريين، وهو ما يعاكس تاريخ المنطقة، في القرن العشرين على الأقل، ويضخّ الكثير من الدم الشابّ في شرايين ديمقراطيتها.
نبارك للشعب التركيّ، «الشقيق» بالفعل، ونأمل أن تتعزّز ديمقراطيته وحرّياته وازدهاره، وألا يعترضها أيّ نزوعٍ طغيانيّ، عسكرياً أكان هذا النزوع أم مدنياً، فردياً أم جماعياً. ونذكّر أن السوريين أيضاً واجهوا بأجسادهم الدبابات وشتى أنواع الأسلحة، ولكنهم لم يجدوا في وجههم من يتّسم بالحسّ الوطنيّ أو الأخلاقيّ أو الإنسانيّ اللازم، لا بل إن «إخوتنا» يستكثرون علينا المنفى!!