"حلال دبحه حلال والله".
"لازم يموت ألف موتة قبل ما يخوزقوه".
"الله حيّي الجوية.. هلق وبعدين ولما تحرق هالكافر وتعلق راسه عبرة لمن اعتبر".
"الله يحرق عظامه لبيّك يا خاين يا ابن الخاينة".
هذه اللعنات، وغيرها أقبح وأشد بذاءةً، أطلقها كثيرٌ من مؤيدي الأسد على خريج الحقوق الشابّ مضر خضّور، أدمن صفحة (نسور مطار الطبقة)، ومطلق حملة "وينن" للكشف عن مصير الجنود القتلى في ذلك المطار، بعد أن اعتقلته المخابرات الجوية في دمشق منذ أيام. ليُتّهم، بحسب معلقين فيسبوكيين مؤيدين للنظام، بالخيانة وبثّ السموم وتحريض المواطنين على "القيادة"، وبأنه كان جاسوساً للمعارضة "يستجرّ المعلومات من أهالي الجنود وينشر الرعب والهلع في نفوسهم"، ويتهم قيادة الجيش بالخيانة والتخلي عن جنود مطار الطبقة وتركهم يواجهون الموت وحدهم.
لم يكن مضر أقل ولاءً أو إيماناً بحقّ بشار وعائلته في حكم سوريا إلى الأبد من مخوّنيه اليوم، لكنه لم يستطع أن يكون أحمق هذه المرة ويصدّق "إعادة تجميع القوّات"، و"الانسحاب الآمن"، و"الكمائن التي تجمع آلاف المسلحين في مساحةٍ ضيقةٍ قبل حرقهم بصواريخ السكود"، وغير ذلك من الأكاذيب الساذجة لإعلام الأسد. فخريج الحقوق، الذي فقد شقيقه الجنديّ في جيش بشار، أراد أن يكون هذا الجيش أكثر كفاءةً في سحق المعارضين، وأكثر اهتماماً بالقتلى والمفقودين من جنوده. ولا يتحقق هذا حين يهرب الضباط الكبار والمدعومون فجأةً بالمروحيات، و"يُترك العساكر الصغار يساقون كالنعاج في الصحراء قبل قطع رؤوسهم".
على صفحته الشخصية، كان خضّور مؤيداً بأسلوبه الخاصّ لنظام الأسد، لا يكفّ عن السخرية من المسؤولين المدنيين لهذا النظام، من وزراء ومدراء وأعضاء قيادة بعثيين، ويحمّل فسادهم جزءاً من المسؤولية عن "الأزمة" في سوريا والجزء الآخر على المؤامرة. ولا يكفّ كذلك عن غرامه بجنود الجيش "الفقراء" الذين "يدافعون عن البلد"، ويشيد بالبراميل التي تسحق عظام أطفال حلب وريف دمشق ودير الزور ودرعا، ويطرب لراجمات الصواريخ حين تدكّ أحياء داريا ودوما. فجيش بشار، بالنسبة لدارس الحقوق الشاب، "مقدّس"، وليس للمعترضين على جرائمه إلا الموت.
في المخابرات الجوية قد يكون التعذيب مخففاً، لا يتعدّى فرك أذن مضر التي لم تسمع الكلام. وقد يكون صعقاً بالكهرباء وتعليقاً لساعاتٍ طويلةٍ من ذراعيه، مع جرّه بين حينٍ وآخر إلى غرفة التحقيق مغشياً عليه. سيستغرب المحقق أن يكون مضر "مثقفاً فهماناً"، ويستنكر أن يكون "علوياً وابن عمٍّ" يخون الأهل والجميل، جميل حافظ الأسد وبشار. ولن يعترف مضر بأيّة تهمة، فهو مخلصٌ وحريصٌ ولا يقبل أن يتهم بقلة الولاء. وفي هذه الأثناء سينشغل بعض أقاربه النافذين بتسوية المسألة، فالأمر لا يعدو رعونة شابٍّ حزينٍ على مقتل أخيه "كتب سطرين على الفيسبوك".
في فرع المزّة يمكن لمضر أن يولد من جديد، ويعود إنساناً إن هو أحسّ بعذابات غيره ممن يموتون في زنزاناتٍ مجاورة.