- الرئيسية
- الأرشيف
- جولة المدينة
لم يدر ظهره للمعركة فطعنته من الخلف «علي مطر» قائد القعقاع مترجلاً
لم يدر ظهـره للمعركة فطعنته من الخلف «علي مطر» قائد القعقاع مترجلاً
لم يستجب علي مطر «أبو صدام» يوماً لتحذيرات محبيه في الحيطة والانتباه, فالرجل الذي ارتبط اسمه بالقورية خلال عامين من الثورة لم يبالي أبداً بالمخاطر, التي عايشها مع أول مظاهرة خرجت ضد حكم الأسد في المدينة, وهتف فيها ومن ملء قلبه يومذاك للحرية, ومنذ ذلك اليوم تغيرت حياة أبو صدام ذو الـ 38 عاماً كلياً, فالرجل الذي عمل قبل الثورة في مهن مختلفة, لم يعد يستطيع متابعة حياته كما كان, إذ أصبح المطلوب الأول لأجهزة الأمن في القورية, ولم يثنه هذا عن قيادة المظاهرات السلمية مرة بعد مرة .
بعد أن توحشت آلة البطش التي حاول الأسد من خلالها إطفاء حركة الاحتجاج المتنامية, ومع صور المجازر المتنقلة التي ترتكبها قوات النظام في حملاتها العسكرية, أيقن علي أن هذه العصابة لن ترحل كما يقول إلا بالقوة, فتحول مثل غيره من الثوار إلى العمل المسلح, فقاد مجموعة صغيرة من المقاتلين, تعهدت بحماية المظاهرات, وتصدت لاقتحامات الجيش الأسدي المتتالية للمدينة والتي ارتكب فيها وفي كل مرة جريمة, وبدأ أول مابدأ باقتحاماته الهمجية تلك باحراق بيت علي مطر.
ولم يثنه استشهاد شقيقه مؤيد, العسكري المنشق في درعا, ولا استشهاد شقيقه الآخر محمد الذي قاد مجموعة اقتحام في معارك البوكمال, عن الاستمرار في قتال قوات الأسد, بل شكل دافعاً إضافياً له, ليشارك في معظم المعارك العسكرية الكبرى التي خاضها الجيش الحر في محافظة ديرالزور, فقاد لواء القعقاع الذي أسسه في لحظات حرجة من تاريخ الثورة في المحافظة, واحتفل مع رفاقه في انتصارات عدة, في القورية والبوكمال والميادين
وأصيب في معركة تحرير دوار الحلبية في مدخل ديرالزور الشمالي, حيث حطمت شظية من قذيفة دبابة فخذه, وأسعف حينذاك إلى تركيا لكنه لم يلبث أن عاد, ودون أن يكمل علاجه بعد يومين, ليستأنف معركته رغم جراحه الثخينة, فلا يرضى مقاتل شهم مثل أبي صدام أن «يترك الرفاق تحت النار وينام هو على سرير في مشفى» كما قال مرافقوه في رحلة العلاج القصيرة تلك, ويصف الناشط الإعلامي خليل الراحل بالقول: «لقد كان أبو صدام مقاتلاً لا يعرف الخوف ولا يجاريه في طيبة القلب احد»
لقد رحل قائد القعقاع, ذات ظهيرة من يوم الثلاثاء المشؤوم على القورية, برصاصات غادرة من بندقية مجهولة, يقسم الجميع أنها بندقية من بنادق الأسد, ويبكي صدام ذو التسعة أعوام كثيراً على والده الشجاع, ويقف إلى جوار أعمامه في العزاء وينظر في غفلة من الجميع, إلى آخر الطريق لعل السيارة الآتية يقودها أبوه.
وداعاً بطل القورية ,,, وداعاً قائد القعقاع