- الرئيسية
- مقالات
- صياد المدينة
فعاليات وهمية روسية سورية.. الكذب الذي يفتتح المنشآت
في الرابع والعشرين من شهر آذار الماضي، احتفت الفعاليات الروسية السورية المشتركة بإعادة افتتاح المركز الثقافي الروسي في دمشق، بعد تصريحات ترددت خلال أكثر من عام تركزت على أهمية إعادة هذا المركز، ودوره "الكبير" في التقارب الروسي السوري ثقافياً، وقال السفير الروسي في دمشق حينها إن الهدف من إعادة افتتاح المركز المغلق منذ عام 2012 هو "نسيان الشعب السوري آلام الحرب والعودة إلى السلام". الإعلام السوري والروسي احتفى بإعادة الافتتاح، إلا أن المركز عملياً لم يفتتح إلا في صفحات الإنترنت لا أكثر.
قبل أيام، وتحديداً في التاسع عشر من شهر تموز الحالي أعلن السفير الروسي، الذي كان قد أقر بافتتاح المركز قبل أشهر، أن هنالك إمكانية لإعادة افتتاح المركز الثقافي السوري الروسي، الذي من المفترض أنه افتتح على يد السفير ذاته قبل خمسة أشهر، مصرحاً لوسائل إعلام سورية وروسية أنه "ينبغي فتح أبواب المركز مجدداً ولكن علينا فقط تسوية بعض المسائل التقنية والتنظيمية".
ما بين افتتاح رسمي محاط بكاميرات الإعلام السوري الرسمي وشبهه، وبين إمكانية إعادة الافتتاح التي جاءت بعد الافتتاح الرسمي، أشهر من التناقض في فهم الافتتاح وأدبيات التجهيز له، التجهيز الذي يأتي لاحقاً للافتتاح الرسمي لا سابقاً له.
تقليد إعلان افتتاح المنشآت، أو التجهيز لافتتاحها، غالباً ما لا يتبع بافتتاح حقيقي، بحيث يصبح المنجز هو إيهام إعلامي بالإنجاز، يتحول لثقافة رسمية متبعة، حيث لا يكاد يمر شهر دون إعلان العزم على افتتاح منشأة رسمية، يرتبط افتتاحها بمكان غير محدد وتاريخ وهمي يمكن أن يلحق بمجموعة من التسويفات غير المؤطرة بالزمن، وقد كانت في مقدمة هذه الإنجازات الوهمية ما يتم الاحتفاء به في زيارات حلفاء النظام السوري، خاصة ممن يقبعون تحت الهيمنة الروسية، والذين وحدهم يخرقون العزلة التي يعيشها النظام السوري، فعند كل زيارة لدمشق يتم الحديث عن منشآت عدة ستفتتح تتويجاً لتطور العلاقات المشتركة، لتظهر ثقافة الافتتاح الوهمي للمؤسسات غير المرئية وكأنها تقليد روسي أيضاً، وليس سوري فقط.
في مطلع شهر آب 2018 ضجت وسائل الإعلام السورية والروسية بقرب افتتاح أول مدرسة روسية في الشرق الأوسط في دمشق، وحدد موعد الافتتاح في شهر أيلول من العام ذاته، قال حينها ممثل الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية راميل بيتيميروف، الذي كان من المفترض أنه المشرف على إنشاء المدرسة، "ستكون هذه أول مدرسة روسية في الشرق الأوسط خلال الأعوام الـ100 الأخيرة"، وخلال شهر كامل ما انفكت قناة روسيا اليوم، وسانا، والتلفزيون الرسمي السوري، وصحف النظام، من نشر الخطوات التي يتم العمل عليها للشروع بافتتاح المدرسة، وبالتأكيد مر أيلول 2018 دون افتتاح المدرسة، بل وتوقف الحديث عنها كلياً مع انقضاء أخبار العزم على افتتاحها وتحديد موعد الافتتاح الرسمي دون أي أثر على الأرض.
ليست الهيمنة الروسية الثقافية والعسكرية والسياسية بحاجة لمدرسة أو كلية أو معهد أو مركز ثقافي، إلا أن ثقافة الأخبار الرسمية الكاذبة التي يشارك بها أكبر رجال السياسة في البلدين من رؤساء وسفراء، تبدو أنها جزء من هذه السيطرة، يتجلى بالسيطرة من خلال الإيهام.