يؤكد الجمهوريون في الكونغرس الأمريكي أن الانتصارات الوهمية على الأرض، والتي يحاول بشار الأسد تسجيلها لفرض شروطه على المعارضة في مؤتمر جنيف 2، لن تقدّم أو تؤخّر، ولن تغطي المكاسب الواسعة التي حصلت عليها المعارضات العسكرية، بعد سيطرتها على أكثر من 65 % من مساحة سورية. إلا أن الولايات المتحدة ما زالت غير مسيطرةٍ على قسمٍ كبيرٍ من حلفائها من الجيش الحرّ، رغم دعوتها عدداً من قياداته الميدانية إلى واشنطن.
وتبحث الولايات المتحدة إمكانية تسليح "الجبهة الإسلامية" التي تقاتل على الأرض. وثمة تسريباتٌ تفيد بقيام محادثاتٍ قريبةٍ بين قادةٍ من الجبهة مع مسؤولين أمريكيين في تركيا. ويأتي تصريح ديبلوماسيٍّ تركيٍّ في هذا السياق حين قال إنه "من المتوقع وصول السفير الأمريكي لدى سوريا، روبرت فورد، إلى إسطنبول قريباً".
وتتألف "الجبهة الإسلامية" من عشرات آلاف المقاتلين المنتشرين في معظم المحافظات السورية، وهي تضم (حركة أحرار الشام الإسلامية، جيش الإسلام، ألوية صقور الشام، لواء التوحيد، لواء الحق، كتائب أنصار الشام، الجبهة الإسلامية الكردية).
الحرب الباردة
ويشكل شبح "الحرب الباردة" بين الروس والأمريكان نقطة تأثيرٍ تشاؤمية بالنسبة للجناحين السياسي والعسكري في المعارضة السورية، إذ يرفض غالبية أعضاء الكونغرس أن يسجل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يصفوه بـ"بريجينيف الجديد"، نصراً سياسياً واضحاً على أميركا في سوريا.
ويستمرّ الروس، الذين تكفلوا بنقل "الكيماوي" إلى ميناء اللاذقية، بعرقلة أية جهودٍ تدين نظام الأسد أو تضعف من سيطرة قواته على المدن الكبرى، ولا سيما العاصمة ومدن الساحل، والتي تؤازرها ميليشياتٌ طائفيةٌ استقدمها من جنوب العراق وإيران، بالإضافة إلى مقاتلين من حزب الله. وعلى الصعيد الإعلامي فإن الروس يعلنون "عجزهم" عن الضغط على نظام الأسد للتخلي عن السلطة. وألمحت موسكو ضمن مراوغاتها السياسية بأنها ترغب في "تدوير" قدري جميل، نائب رئيس الوزراء السوري المقال، وفرضه على المعارضة.
من جانبهم، لا يرى الفرنسيون ممارساتٍ سياسية لروسيا في الشأن السوري، "بل هي مجرد فرصة لإثبات قوتها في المنطقة من جديد". أما بريطانيا فإنها غائصة في مخاوف التطرف في سوريا، ويأتي تحذير وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، في هذا السياق عندما قال إن سورية قد "تتفكك" كلياً في حال لم يتم التوصل إلى "تسوية" في العام 2014، إلا أنه متمسك بأن لا مكان للأسد في سوريا المستقبل.
الخليج ضد الديكتاتور
عربياُ، يستمر الموقف الخليجي الداعم لحق السوريين في التغيير والخلاص من النظام الديكتاتوري، فقد جاء في بيان القمة الخليجية التي عقدت في الكويت أن لا دور لأركان نظام الأسد في مستقبل سوريا. ودعا قادة دول مجلس التعاون الخليجي إلى انسحاب "كافة القوات الأجنبية" من سوريا، في إشارةٍ إلى عناصر حزب الله اللبناني، والميليشيات العراقية.
على الصعيد الإقليميّ، تستمر إيران في دعمها اللامحدود لنظام الأسد، منتشيةً بـتهليل أوباما بما أنجزه بخصوص إرهاصات الاتفاق النووي معها. فيما أكد قياديٌّ بارزٌ في التحالف الوطني الشيعي، الذي يسيطر على الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي، أن التحالف لديه مخاوف إذا حقق الأسد انتصاراً وبقي في السلطة، لأنه سيصبّ جام غضبه على الديمقراطية العراقية، وينتقم من المحافظات السنّية العراقية التي ستكون أمام خطرٍ حقيقيٍّ في مواجهة ديكتاتورٍ حقق انتصاراً عسكرياً.
مخاوف المعارضة
وفي إطار الحراك الديبلوماسي للمعارضة السورية، كشف رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة أن الولايات المتحدة أبلغت المعارضة السورية رفضها صفقةً كان قد عرضها النظام السوري، وتتمثل بقيامه بالقضاء على من أسماه "الجماعات المتشددة" في سوريا مقابل بقائه في السلطة. ويأتي هذا في وقتٍ أكد فيه رئيس الائتلاف أحمد الجربا على تلقي المعارضة ضماناتٍ شفهيةٍ وأخرى مكتوبةٍ من دولٍ كبرى لمنع الأسد من لعب أي دورٍ في مستقبل سوريا.
كما أعرب الجربا عن قلق المعارضة من أن يؤدي التقارب الأمريكي- الإيراني إلى تقوية النظام السوري، لا سيما على الصعيد المالي. لتأتي تصريحاتٌ جديدةٌ أطلقها رئيس المجلس الوطني السوري المعارض، جورج صبرا، حول المشاركة في جنيف2، حين شكك في انعقاد المؤتمر، إلا أنه قال: "القرار النهائي في شأن المشاركة في جنيف2 سيتخذ منتصف كانون الأول، في اجتماع الهيئة العامة للائتلاف بإسطنبول".