قبل (الصمت الانتخابي) في الساحل.. النظام يملأ الشاشات ضجيجاً عبر حِيل الشبيحة

الحملات الانتخابية في سوريا

 لا يمكن أن يترك النظام الوضع دون تدخل، ويعتمد على ثقته بالسكان، رغم وجود عدد كبير من الموالين له في اللاذقية، لذلك اعتمد -ضمن إجراءات أخرى- على اتباع الحيل في حشد موالين صوريين، كون الوضع يختلف معالانتخاباتالجارية، تبعاً لدورها الحاسم في رسم صورته أمام أصدقائه مثل روسيا وإيران قبل الأعداء، لذلك ترك لرجال الحرب وقادات الميلشيات المقاتلة في اللاذقية المهمة في الترويج له، في ردٍ سريع لإطلاق أيديهم في عمليات النهب والسرقة وتشكيل الثروات، ليدفعوا قسماً منها على إقامة الخيام الانتخابية.

قام المسؤولون في جامعة تشرين قبل أيام بالتعميم على كافة الكليات لإخبار الطلاب بضرورة الحضور إلى الجامعة بحجة وجود محاضرات ضرورية، وأنه يتوجب على الطلاب تسليم "بطاقات الأعمال"، وعلى أساس الحضور سوف يتم توزيع علامات لهم.

إحدى الطالبات وصفت ما حدث بـالمسخرة، قبل أن تتابع سرد ما جرى في حديث مععين المدينة، فعند وصول الطلاب تبين أن الأمر كاذب، وتم حشر جميع الطلاب بساحة الجامعة، ثم وزع عليهم بعض الموظفين لافتات وأعلاماً وصوراً تمجد النظام، وتم تصوير الأمر على أنه مسيرة لطلاب جامعة تشرين بهدف دعم حملة بشار الأسد الانتخابية.

 يأتي هذا التصرف وإجراءات عديدة أخرى قام بها نظام الأسد في اللاذقية، مستغربة وغير مقنعة، خصوصاً وأن الجميع يعلم بأن نتائج الانتخابات محسومة لصالح بشار الأسد، ويبحث الكثيرون عن تبريرات لهذا الأمر، لاسيما عند المقارنة بالحملات الانتخابية الماضية.

 وفي هذا الصدد يرى المهندس محمد من سكان اللاذقية، أن الأسد "يريد طوابير أمام صناديق الانتخاب، وحشداً شعبياً قبلها، ودعماً لحملته بهدف محاولة إقناع المجتمع الدولي بنتائج هذه الانتخابات"، مبيناً أن قسماً من أهالي اللاذقية غير مهتمين بها، لأنهم يعلمون أنها لن تكون خطوة في طريق حل أزمة يعيشونها منذ أكثر من عشر سنوات.

 أضاف أن موضوع حشد الناس يشبه ما قام به من فتح باب الترشيح، لتصدير صورة الانتخابات وهي تتم بديمقراطية، وأن هناك فرصة للجميع للاختيار بين المرشحين بحرية، وفرصة مشابهة لدعم الحملة الانتخابية أو الامتناع، متوقعاً أن نتائج فوز الأسد بالانتخابات ستكون هذه المرة بمعدل بسيط لن يتجاوز الـ ٥٥ بالمئة، في ظل السعي لإقناع المجتمع الدولي وحتى من بقي لديه من الشعب السوري، بأنها جرت بكل حرية وديمقراطية، وأنه لم يحصل على نسب مضحكة تثير المسخرة كما كان في السابق.

 استخدم النظام مؤخراً أساليب عديدة في هذا المجال، منها إجبار الموظفين على المشاركة بحملاته الانتخابية، وإصدار عفو بحق مرتكبي الجرائم والجنح والجنايات وإخراجهم من السجون، فضلاً عن اختلاق العديد من الأزمات الاقتصادية والمعيشية ومن ثم حلها، والقيام بتقديم "منح" مالية للموظفين، كذلك استعمال الأساليب الكلاسيكية التي ورثها بشار الأسد من أبيه، مثل إخراج مسيرات شملت الأطفال في المدارس والعاملين بكافة القطاعات، وتحويل أي نشاط إلى ما يسميه النظام وشبيحته بـ"العرس الوطني"، مثل مسابقة رياضية للدراجات الهوائية جرت مؤخراً.

 يوازي هذا النشاط المحموم، ما تشهده الصفحات الإخبارية المحلية من ضخ إعلامي كبير للصور والفيديوهات من مختلف أحياء اللاذقية، وتعطي كافة التجمعات التي تحصل، وجميعها يتم التحدث عنها بأنها ضمن دعم الحملة الانتخابية لبشار الأسد.

 مصادر من مدينة اللاذقية كشفت لـعين المدينة، أن هناك الكثير من الناس سوف يمتنعون عن المشاركة بالانتخابات بسبب ما يعيشونه من أوضاع سيئة، وبسب تهجير أبنائهم واعتقالهم ومقتلهم على يد أجهزته الأمنية، خاصة في المناطق التي خرجت فيها مظاهرات لإسقاطه منذ سنوات، رغم ما يسعى النظام لترويج له بأن المدينة كلها تؤيده. واعتبرت المصادر أن ما ظهر عبر وسائل الإعلام الموالية من تجمعات داخل المدينة، كانت مرتبة ومجهزة وحصلت بحضور عناصر من الأمن، وتمت من خلال جمع الموظفين والمستفيدين من خدمات الدولة والطلاب وحشرهم ليظهر عددهم ضخماً.

 وتأتي الانتخابات المزمع عقدها الأربعاء القادم في ظل تردي الوضع المعيشي والاقتصادي لعدد كبير من الأوساط الموالية في اللاذقية، ووسط فقدان معظهم للمعيل وارتفاع أعداد القتلى والجرحى وغياب الأمل بالأسد بعد نجاحه، خصوصاً وأنهم لم يحصلوا على مساعدات تذكر من قبل.

 ويذكر أن النظام أوعز يوم الاثنين (24 أيار) منتصف الليل بإيقاف جميع الحملات الانتخابية، للدخول في فترة "الصمت الانتخابي" حتى الساعة 7 صباحاً من يوم الأربعاء 26 من ذات الشهر.