ديرالزور 2018… صفر في مقام الحرب

متداولة على الإنترنت

تدخل دير الزور عامها الجديد، متحلّلة من الخيارات الصفرية التي سادت العام الماضي، لكنّها لا تملك أيّ احتمال مكتمل القيمة.

بنسبة دمار، يقرّ البنك الدولي أنّها الأعلى في سوريا، تخطو المدينة بريبة نحو استعادة مؤشرات خافتة للحياة، في واقع قسمة غير مسبوقة للمحافظة الشاسعة، وحدود لم تكن لتخطر على بال أحد من سكانها.

انتقلت دير الزور برمّتها من أصفار الاستراتيجية التي جعلتها خاتمة الحرب على داعش، وموقع استثمار النظام لما بقي من قوته الهزيلة، إزاء تنظيم إرهابي منهك تحت وطأة ضربات تحالف دولي لم يعر بالاََ للكتلة البشرية الكبرى، التي دفعت ثمناََ باهظاََ تحت سطوة داعش المتوحشة، وتركها في حسبة الحصص لميليشيات النهب والترويع الإيرانية.

لا تستقر قسمة ديرالزور على الجغرافيا وحدها، ثمّة انشطارات بشرية واجتماعية واقتصادية، اختيرت على حدّ حوّل مقدّس المكان إلى نهر عابر بين شطري سوء الحظ والمصير.

بين ماحازه الأسد ولا يمكنه إعادة إعماره، وما حازته قوات سوريا الديموقراطية، وتريد تغيير شرط استقراره العتيق، ليناسب تركبيتها المتحكّمة؛ سقطت الحرب إلى قاع سينقل قسمة البشر، والشاميّة القاحلة في ضفة، والخواء والجزيرة الخصبة في أخرى، إلى عدم تعيين لا إجابة بادية له، سوى حرب جديدة حول جدار الفرات.

وليس المشهد في دير الزور وحيداََ في ما يحمله العام الجديد من احتمالات متضاربة ومفتوحة، بل إنّ سوريا كلها تقع تحت هذا الشرط، فالنظام يواصل زحفه لقضم الأرض، وبينما هو يتحضر لإطلاق مذبحة كبرى جديدة في إدلب، قد تدفع مئات الآلاف من المدنيين إلى مجهول المنافي والتشرد، فإنّ توقع رد فعل مغاير دولياََ لما حدث، على مدى سنوات الثورة، سيكون ضرباََ من التفاؤل في غير محله، إذ أن في الغوطة ما يكفي من أدلة.

المفارقة أنّ سوريا ماتزال مركز سردية «الانتصار» الروسية – الإيرانية المزعومة، في تناف وتضاد مع واقع يسوق ذات الاحتمالات إلى الشرق الأوسط برمته، مع اندلاع احتجاجات المدن الإيرانية، التي مازال من المبكر الحكم على نتائجها، وإن كانت تقود في جوهرها إلى كشف التناقض بين مزاعم السلطة، وحقيقة ما يريد الشعب في إيران.