اللاجئون السوريون في روسيا

نتيجة الحرب التي شنها نظام الأسد أولاً، ثم داعش وأخواتها ثانياً، ضد السوريين؛ نزح الملايين من أبناء هذا الشعب المسكين إلى مختلف بقاع الأرض، حتى وصلوا إلى بلاد لا يصدق أحد أنهم سيبقون فيها ردحاً طويلاً من الزمن كي يضطروا إلى طلب اللجوء على أراضيها.

روسيا هي إحدى تلك الدول التي طلب فيها العديد من السوريين اللجوء. ورغم أن أعدادهم لا تقارن بأمثالهم في الدول الأخرى إلا أن معاناتهم وآلامهم ومشاكلهم لا توصف. فطلبات اللجوء تُرفض باستمرار من قبل وكالات الهجرة التابعة لوزارة الداخلية الروسية التي توصيهم دائماً بالعودة إلى بلادهم؛ مبررة ذلك بأنه لا يوجد خطر معين على حياتهم في سورية، استناداً إلى أحكام وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين!

وحسب تقرير أعدته رئيسة لجنة «المساعدة المدنية»، سفيتلانا غانوشكينا، والمحلل كونستانتين تروتسكي، في نهاية عام 2016، بلغ عدد المواطنين السوريين على أراضي روسيا 7096، حسب بيانات دائرة الهجرة الاتحادية. وسجل هذا الإحصاء انخفاضاً ملحوظاً مقارنة مع العام الذي سبقه، عندما وصل العدد إلى 8205 أشخاص.

يمكن تقسيم هؤلاء السوريين إلى مجموعتين: أولئك الذين جاؤوا قبل الحرب وهم الآن غير قادرين على الحصول على تأشيرات جديدة من دائرة الهجرة الروسية بسبب انتهاء مدة فيزهم أو إقاماتهم، والواصلون خلال الحرب. وتشمل هذه المجموعة الأخيرة، على وجه الخصوص، أسر الذين جاؤوا إلى عند أقاربهم في روسيا بعد بدء الصراع. وكلا الفريقين لديهما كل الأسباب المحقة لطلب اللجوء.

منذ بداية الثورة السورية عام 2011 وحتى أواخر عام 2016 قدم 4462 مواطناً سورياً بيانات من أجل طلب اللجوء المؤقت، وحصل عليه 3306 شخصاً. ومع ذلك فهم يحصلون على إقامة لمدة عام فقط، غير قابلة للتمديد.

وعلى الرغم من قلة عدد السوريين في روسيا، وتوصيات المفوضية العليا لحقوق الإنسان بعدم فرض الإعادة القسرية، إلا أن سلطات الهجرة الروسية غالباً ما تستمر في حرمانهم من اللجوء، وطرد بعضهم إلى تركيا، أو محاولة إرسالهم إلى دمشق.

ذكرت إحدى العائلات السورية لمراسل «صوت أميركا» (14 تشرين الأول 2015) أنها بقيت في منطقة الترانزيت بمطار موسكو مدة طويلة، على رغم أن أفرادها قد تقدموا بطلبات للحصول على اللجوء. وكذلك تحدث السوري حسن عبدو أحمد وزوجته جوليستان شاهو وأطفالهما الأربعة، للمصدر نفسه، أنهم عاشوا في منطقة الترانزيت في المطار بعد أن اتهمتهم السلطات الروسية بأنهم يحملون جوازات سفر مزورة، مما تسبب في مصادرة وثائقهم وتهديدهم بالاعتقال إذا خرجوا من المطار. وذكرت شاهو أنهم قالوا لهم: «هذه ليست أوروبا بالنسبة لكم، لن نقبلكم كلاجئين!».

وتجدر الإشارة هنا إلى أن تقديم طلب الحصول على حق اللجوء في روسيا دون مساعدة أحد المحامين أو المنظمات غير الحكومية العاملة في هذا المجال يكاد يكون أمراً مستحيلاً.

قد تنتهي زيارة طالب اللجوء إلى دائرة الهجرة بطرق مختلفة. وفي أحسن الأحوال سيتم تعيين موعد المقابلة التي ينبغي انتظارها لمدة شهر أو اثنين أحياناً، وفي أحايين أخرى عدة أشهر. أما إذا لم تكن لدى الشخص تأشيرة روسية فإن وجوده هناك غير قانوني؛ ويمكن لأي شرطي أن يعتقله على خلفية مخالفته القوانين، ويرسله إلى المحكمة حيث يتخذ القاضي قراراً في غضون دقائق حول انتهاكه للمادة 18.8 من القانون الإداري؛ التي تحكم على اللاجئ بدفع غرامة مالية مع وجوب الطرد من روسيا. وببساطة قد يستولي رجال الشرطة على ما يجدونه لديه أثناء التفتيش من محتويات حقائبه أو المال في جيوبه. وعادة ما يترافق قرار الطرد مع وضع الشخص في مركز احتجاز مؤقت خاص بالرعايا الأجانب، وهو أقرب إلى السجن، قد يبقى الشخص فيه قرابة عامين أو أكثر!

تقول إيلينا بورتينا، من «لجنة موسكو للمساعدات المدنية»: «صادقت روسيا على اتفاقية اللاجئين وتعهدت باستقبالهم. ليست هناك حاجة إلى التوقيع إذا كانت لا تريدهم. لم يجبرها أحد على ذلك». ووفقاً لها أيضاً، خفضت السلطات الروسية إمكان تمديد فترة توفير المأوى المجاني للاجئين، وبسبب ذلك قرر الكثيرون مغادرة البلاد. فحتى أواخر 2016 غادر 5500 لاجئ روسيا، خصوصاً من السوريين، منتقلين إلى النرويج عبر منطقة مورمانسك الحدودية، إضافة إلى توجه نحو 500 آخرين في الطريق نفسه إلى فنلندا.

هذا غيض من فيض مما يعانيه السوريون في روسيا الداعم الرئيس للأسد عسكرياً وسياسياً، وكأنه كتب عليهم الخوف والعذاب وعدم الاستقرار والأمان إن في وطنهم أو في بلاد النزوج والمهجر.