أسماء الأسد: من «زهرة الصحراء السورية» إلى «سيدة الجحيم الأولى»

إيثر آدلي
الغارديان/ 22 تشرين الأول
ترجمة مأمون حلبي

تحدثت زوجة بشار الأسد عن ألمها من النزاع الدائر في البلاد، لكن قلائل فقط يعتقدون أنها ليست على درايةٍ بالنظام الوحشيّ الذي يترأسه زوجها.

كان شعرها أجعد بشكلٍ جذاب، وكان مكياجها خفيفاً لا تشوبه شائبة. وكانت لهجتها رزينةً إلى حدّ الكمال عندما ظهرت هذا الأسبوع في أول مقابلةٍ بعد ثماني سنواتٍ من الاحتجاب التلفزيونيّ.

شأن كل السوريين، قالت بلكنتها اللندنية لمن كان يجري المقابلة إنها كانت تشعر «بالألم والحزن» عند لقائها بأولئك الجرحى والنسوة اللواتي رملهنَّ النزاع في بلدها، وعرضت تقديم المساعدة: «أيستطيع المرء تجاهلهم؟ في سوريا نؤمن باحترام كلمتنا. هذا أمرٌ مهم».

المحاور، الذي يعمل لصالح التلفزيون الرسميّ الروسيّ، لم يطرح حقيقة أن زوج أسماء يواصل إلقاء البراميل المتفجرة على مواطنيه المدنيين، ومع ذلك كان هناك اعترافٌ بمعاناةٍ غير مسبوقةٍ لدى طرفي النزاع. كذلك تمّ تجاهل حقيقة أن القصف الروسيّ دعماً لنظام الأسد أدى إلى اتهاماتٍ واسعةٍ بجرائم حرب. عوضاً عن طرح هذه الحقائق، سألها المحاور عن سبب إصرار وسائل الإعلام الأجنبية على انتقاد عائلتها بدل التركيز على أعمالها الخيرية. أجابت أسماء: «هذا سؤالٌ عليك أن تطرحه عليهم». كيف يمكن لهذه اللندنية الأنيقة، التي تتكلم بلغة الشفقة، أن تنسجم مع النظام الذي يترأسه زوجها؟ ولماذا يعلو صوتها الآن؟

يرى دافيد ليج، أستاذ التاريخ في إحدى جامعات تكساس، مؤلف كتاب «سوريا: سقوط آل الأسد»، أن قرار السيدة الأولى بالظهور كان «علامةً على ثقتهم بأنهم يربحون. أعتقد أن هذا جزءٌ من محاولة تصوير أنهم يسيطرون على البلاد، إنهم يشعرون كما لو أنهم آمنون بالنسبة إلى المستقبل القريب بسبب الدعم الذي يتلقونه من روسيا وإيران».

بخلاف الرجل الذي ستتخذه زوجاً، لم تترعرع أسماء في قصر دكتاتورٍ وحشيٍّ بل في بيتٍ في مدينة آكتون البريطانية، كابنة طبيب قلبيةٍ سوريٍّ بريطانيّ. درست أسماء اللغة الفرنسية وعلوم الكمبيوتر في لندن، وأصبحت لمدّةٍ وجيزةٍ موظفةً في بنكٍ للاستثمارات في نيويورك. بعد أن قابلت بشار عندما كان يتدرب كطبيب عيونٍ في لندن، أعادا بناء علاقتهما عام 2000 وتزوجا في وقتٍ لاحقٍ من تلك السنة. كانت وقتها في الخامسة والعشرين. كان ثمة آمالٌ كبيرة، في السنوات الأولى على الأقل، أنه بعد سنواتٍ من الدكتاتورية الوحشيّة سيقود الطبيب المتعلم في الغرب، وزوجته الجذابة البريطانية المولد، حقبةً يسودها قدرٌ أكبر من الحرية والانفتاح.

مع بداية النزاع في سوريا، ولمدّةٍ من الزمن، كانت ثمة تساؤلاتٌ بخصوص مقدار ما تعرفه أسماء عن نشاطات زوجها. زوجتا سفيري بريطانيا وألمانيا في الأمم المتحدة ظهرتا في شريط فيديو في 2012 يناشدانها أن «تخاطر وأن تقول بشكلٍ صريح: أوقفوا سفك الدماء، أوقفوه الآن». إنها لا تستطيع «الاختباء خلف زوجها». لكن بعد نزاعٍ وحشيٍّ وطويلٍ ثمة معقوليةٌ لا تُذكر في القول إنها لا تعرف، وفقاً لما يقوله كريس دويل، مدير مجلس التفاهم العربيّ البريطانيّ، الذي يعتقد أنها تمرّر ممارسات نظام زوجها: «بعد خمس سنواتٍ من مشاهدة مستوياتٍ مروّعةٍ من أعمال القتل والدمار والتهجير من الصعب الاعتقاد أنها -مع آخرين في قمة النظام- ليسوا على درايةٍ تامةٍ بما يجري».

كل الشكوك أزيلت بعد أن نشرت الغارديان إيميلاتٍ مسربةً من الحسابات الخاصة للزوجين، أظهرت أن أسماء كانت تنفق مبالغ هائلةً على المجوهرات النفيسة والملابس والديكور الداخليّ بينما كانت القنابل تنهمر على السوريين الفقراء. تصوّر هذه الإيميلات أيضاً متانة علاقة الزوجين. كتبت السيدة الأولى لزوجها: «إن كنا أقوياء معاً سنتغلب على هذا معاً... أحبك». انتشرت هذه الإيميلات على نطاقٍ واسعٍ في سوريا، وكذلك انتشرت صورٌ فيسبوكيةٌ لأفرادٍ من النخبة يستمتعون بحفلاتٍ مكلفة، بينما بعض الناس في البلاد يتضورون جوعاً. في الأكشاك والحوانيت الصغيرة في دمشق لا تزال الصور التي تظهر العائلة الأولى منتشرةً كما كانت دائماً، لكن قلةً قليلةً في سورية تساورها الأوهام عن الرئيس وزوجته، استناداً إلى مصدرٍ مطلع، حتى بين العلويين. يقول المصدر: «أعتقد أنه يوجد امتعاضٌ كبيرٌ حتى بين العلويين تجاه آل الأسد، لأنهم يشعرون أنهم هم من يدفعون الثمن: «القبور لنا والقصور لهم».