«لبوات الأسد» في ازدياد مقابل هروب الشباب

متداولة لأسماء الأسد واللبوات

"يدرك الأهالي والشابات في مدن الساحل الموالية أن المخاطر ستكون قليلة جداً في حال رغبت أي شابة بالتطوع، فلن تجبر المتطوعة على الذهاب والقتال في الخطوط الأمامية، وإنما ستحصل على راتب جيد وميزات كثيرة وستبقى في العمل الإداري، إلا في حال رغبت نفسها بأن تحمل السلاح وتشارك في المعارك".

هكذا تحدثت إحدى الشابات من مدينة اللاذقية لعين المدينة، للتأكيد على ظاهرة التحاق الشابات المتزايد في صفوف قوات النظام في الساحل، ورواج ذلك بين الأهالي، حيث تتدفق شابات يرغبن بالتطوع إلى مكاتب التطويع المنتشرة بكثافة في مختلف الأحياء والمدن هناك، على الضد من حالة الخوف التي باتت تسيطر على الأهل في حال رغب أي شاب بالتطوع، أو حان موعد التحاقه بالخدمة العسكرية سواء الإلزامية أو الاحتياطية.

لا تحتاج الفتيات الراغبات بالتطوع إلا لبعض الأوراق البسيطة من هوية شخصية إلى صور، بشرط بلوغها 18 عاماً، وسط تسهيلات كثيرة مقدمة لها، إضافة إلى الراتب الذي يصل إلى 200 دولار في بعض الكتائب بحسب المواقع التي تشغلها الشابة، على أن غالبية الشابات يفضلن الانضمام إلى الميليشيات "الكتائب الرديفة" على الالتحاق بجيش النظام، بسبب سهولة الخدمة فيها والإجازات الدائمة التي تمنحها، إضافة إلى فرصة الحصول على مدخول مادي إضافي من خلال الوقوف على الحواجز التابعة لتلك الميليشيات، وممارسة الابتزاز والسرقة عليها، إلى جانب كون الترفيع في الميليشيات لا تحده مدة خدمة معينة كما هو معروف في جيش النظام، بل يعتمد على علاقة الشابة بمسؤولي الفصائل وقادات الكتائب فيها.

"لبوات الأسد"، بهذا المصطلح يعرف أهالي الساحل الفتيات المتطوعات في صفوف قوات النظام، وانتشر مع إعلان النظام في 2014 فتح باب التطوع للفتيات، حينها بدأت الشابات من مدن الساحل وأريافها خصوصاً مدينتي طرطوس وجبلة بالتوافد إلى الميليشيات ك"الدفاع الوطني" و"نسور الزوبعة" وغيرها، ويتم تشكيل أول كتيبة للنساء عُرفتْ ب"لبوات الحرس الجمهوري" عمل النظام على تشجيع غيرهن من خلال تسليط الضوء عليهن في إعلامه، خصوصاً أثناء "القتال" معارك جوبر وداريا، إذ كانت تبث مقاطع فديو يومية تظهر "المقاتلات" وهن يستخدمن أسلحة مختلفة من القناصات إلى مضادات الدروع والأسلحة الخفيفة والمتوسطة، بعدها توالت التكريمات والاحتفالات بوجودهن، وانتهت بزيارة أسماء الأسد لمجموعة من المقاتلات والحديث عن "تضحياتهن وبطولاتهن".

يلعب العامل المادي دوراً أساسياً في تزايد المتطوعات، فالتطوع يضمن الحصول على مدخول مادي جيد ومنتظم في ظروف الغلاء المعيشي وغياب فرص العمل، فضلاً عن العامل المعنوي من الفوز بالتكريمات الدائمة، ونظرة المجتمع المحلي إليهن كبطلات يدافعن عن بقاء ووجود أسرهن التي تربط مصيرها بمصير النظام، ثم وأساساً هناك الحصول على مكاسب في السلطة وواسطات وتميز بين سكان مناطقهن الذين يعيشون في ظروف صعبة. يضاف إليها سبب "عاطفي" إذ يتاح للمتطوعات الخروج من بيئتهن المحلية والاختلاط بالشباب، ما يعني فرصة ارتباط في ظل غياب كامل للشباب وارتفاع حالات "العنوسة".

"يلعب النظام على توفير الحاجات الأساسية لفتيات هذه المناطق بعد الانضمام إلى صفوفه، ويأتي هذا الأمر بسبب إدراكه للوضع (المادي السيء)، وحاجته الماسة لرفد قواته بالمزيد من العناصر البشرية مع ارتفاع أعداد القتلى بشكل كبير في قواته، وعدم رغبة الشباب بالقتال" يقول أحمد حمزة المنشق عن النظام والقيادي في الجيش الحر، ويتابع "دور النساء في المعارك ثانوي، لكنه يؤمن حماية للعناصر المتواجدين على الجبهات من خلال التغطية النارية، كما يتم استخدامهن لتثبيت النقاط والتمركز في المناطق التي يسيطرون عليها، والنظام في الفترة الحالية لا يحتاج أكثر من عنصر بشري، بغض النظر عن الخبرات أو المعارف أو القدرة القتالية، إضافة إلى العامل المعنوي الذي يلعبه وجودهن من تشجيع وتحفيز الشباب على القتال".

ويؤكد ناشط مدني من الساحل لعين المدينة، "لكي تحصل الشابة على فرصة عمل جيدة لتعيل اسرتها تحتاج إلى شهادة دراسية أو مظهر جيد أو واسطة، أما الانتساب إلى الجيش والكتائب فلا يحتاج أية مقومات، وهو متاح أمام كافة الفتيات دون النظر إلى صفاتهن، والمجتمع العلوي الموالي ينظر نظرة احترام لهؤلاء الشابات، ويكرس ويقلد طريقة تعامل النظام معهن، فبشكل دائم يتم تكريمهن، وفي حال قتلت أي شابة يحصل ذووها على ميزات كثيرة تفوق ما يحصل عليه ذوو القتلى الشباب، وقد يعود الأمر لقلة عدد الفتيات اللواتي قتلن في المعارك حتى الآن" .