- Home
- Articles
- Radar
وسطاء تجنيد المرتزقة من ديرالزور بشركة ”فاغنر“ للقتال في ليبيا
توقفت عمليات تجنيد المرتزقة من ديرالزور للقتال في ليبيا إلى جانب قوات شركة ”فاغنر“ الروسية، وهدأت مع التوقف عواصف التقارير الإخبارية المستعجلة، التي حاولت مواكبة الحدث دون الدخول في سياقاته الاجتماعية، واليوم تحاول هذه المادة استعادة ما تخلَّل تلك العمليات من تفاصيل كان محورها وسطاء رسميون وغير رسميين، يمكن تقسيمهم إلى فئات أساسية تبعاً لمراكزهم في المجتمع الأهلي، وقوى السلطة، والشبكة الرابطة بينهما.
بدأ الراتب الشهري للمتطوع السوري ضمن شركة ”فاغنر" الأمنية بمبلغ 1200 دولار، واستمر بالهبوط حتى وصل إلى 600. وينخرط الكثير من المتطوعين من ديرالزور أساساً في صفوف ميليشيات ”لواء القدس“ و“الدفاع الوطني“، فكان توجُّههم إلى ”فاغنر“ استمراراً في عملهم القتالي ضمن الميليشيات، لكن هذه المرة كان وفق عقود لثلاثة أشهر، تلقَّى قسم من الموقعين عليها بدايةً تدريبات في معسكرات خاصة في اللاذقية استمرت 45 يوماً.
انتهت عمليات استقطاب المتطوعين في ديرالزور بمقتل عنصر واحد، (عبداللطيف عبدالمجيد الفياض / 17 سنة / من قرية الشميطية غرب ديرالزور)، وقد بدأت في نيسان من العام المنصرم، وشهد شهر أيار الموالي إرسال أول دفعة منهم يصل عددها إلى 35 عنصراً، تلتها في حزيران أكبر مجموعة بلغ عدد عناصرها 90، ثم تتالت الدفعات حتى وصل إجمالي المتطوعين إلى ما يقارب 400، ينتمي غالبيتهم إلى المدن الثلاث الرئيسية للمحافظة (ديرالزور، الميادين، والبوكمال) وبعض بلداتها في شرق المحافظة (دبلان، بقرص، ومحكان). وقد خصص القائمون على عمليات التجنيد مكتَبَيْن لاستقبال الراغبين في التطوع، أحدهما في مدينة ديرالزور (مقر ميليشيا لواء القدس) والثاني في مدينة الميادين، كما أحدث مكتباً ثالثاً في قرية حطلة (مقر القوات الروسية).
بطبيعة الحال لم يكن الروس مسؤولين عن عمليات استقطاب الشبان للتطوع في شركة ”فاغنر“، ما ترك مساحة ملأها الكثير من الوسطاء المسؤولين في دوائر القرار لدى النظام السوري وقادة عسكريين في جيشه أو ميليشيات تابعة ومقربة منه، وسماسرة من أثرياء الحرب في ديرالزور. وبذلك يحدد الاستفادة من عمليات التجنيد مالياً مدى القرب من المسؤولين الروس عنها، الأمر الذي يتدخل كذلك في ترتيب مراكز السلطة والقرار في مجمل سير العملية، لكن دون أن يلغي دور الوسطاء الاجتماعيين والماليين فيها.
عناصر من كتائب الحسين
عليه، يقف المترجم فى أعلى درجات سلم السلطة المستفادة من "صداقة الروس"، فعبرَه تتم جميع الترتيبات اللوجستية والمالية التي تستلزمها عمليات تجنيد المتطوعين ونقلهم وتدريبهم وتقسيمهم إلى مجموعات.. وصولاً إلى منح بعضهم "بطاقات الشرف" على تأدية مهامهم، وأشهر المترجمين (الذين يكتفون بالإفصاح عن ألقابهم فقط) المدعو أبو إسكندر من محافظة حماة.
بينما يمكن تقسيم باقي الوسطاء إلى ثلاث فئات، تضم الأولى ضباطاً في الجيش وقادة ميليشيات "رديفة" في الفيلق الخامس، الذين حاولوا إقناع المتطوعين المحليين في الفيلق بالسفر إلى ليبيا؛ إضافة إلى قائد ميليشيات الدفاع الوطني في ديرالزور فراس الجهام "العراقية"، وقائد قطاع الميادين في ذات الميليشيا محمد تيسير الظاهر الذي قتل رفقة ضابط روسي وسبعة مقاتلين على طريق حقل التيم في آب 2020، وقائد ميليشيا الحسن في بلدة محكان تيسير محمد عبد العزيز، وعضو مجلس الشعب عبد العزيز محمد الحسين المسؤول عن "مجموعات الشيخ" كما تسمى محلياً (كتائب الحسين) في بلدة محكان، وقائد ميليشا لواء القدس شادي الكاميروني وشقيقه محمد الحديد.
محمد تيسير الظاهر
وتضم الفئة الثانية فاعلين اجتماعيين معروفين بقربهم من النظام، منهم شخصيات عشائرية مثل مهنا الفياض شيخ عشيرة البوسرايا في ريف ديرالزور الغربي/شامية، ومنهم وجهاء ريفيون مثل مختار قرية حطلة شمال مدينة ديرالزور يونس الظاهر "أبو عدنان".
في حين تتألف الثالثة من سماسرة ومتكسبين وأثرياء حرب يعمل غالبيتهم في مكاتب عقارية في المدن، وتربطهم علاقات زبائنية مع النوع الأول من السماسرة (الضباط والقادة) والمترجمين، ويشرفون عادة على عمليات شراء العقارات للقادة الإيرانيين (الحجاج)، إلى جانب عملهم في تجارة السلاح، مثل حاتم محمد رمضان البكري من بلدة دبلان شرق ديرالزور، وقد قاتل تباعاً مع تنظيم ”الدولة الإسلامية“ ثم ميليشيا ”الدفاع الوطني“ ثم شركة ”فاغنر" في ليبيا. وﻧﻌﻴﻢ فاﺿﻞ الفهيم ﻣﻦ قرية ﺑﻘﺮﺹ شرقاً، وعبدالهادي اللافي من بلدة محكان أبرز وسطاء التطويع بعد عضو البرلمان محمد الحسين، فقد قام لوحده بتنسيب 50 عنصراً.
عبد العزيز الحسين مع عنصرين من كتائب الحسين
تقاضى السماسرة في البداية 100 دولار أمريكي من كل متطوع، لكن المبلغ تقلَّص إلى 100 ألف ليرة سورية بعد تعدد الوسطاء وتوافد أبناء المحافظة عليه بسبب الفاقة والعوز والبحث عن ميزات روسية تقيهم شرور الفروع الأمنية. على أن تمييز فئة السماسرة عن الفئتين الأخريين لا يعني أن الشخصيات التي ضمتهما لا تبحث عن التكسب المادي من عملهما، كما لا يعني أن السماسرة دون فاعلية في مجتمعاتهم المحلية أو مراكز السلطة لدى النظام.
نعيم فاضل الفهيم