على باب جمعية إغاثية في دير الزور
عند أصغر هزةٍ يتعرّض لها طريق الإمداد في دير الزور - وهو دائم الاهتزاز - تغدو الكثير من المنظمات الإغاثية بحاجةٍ إلى إغاثة؛ ولا تستثنى من هذا الوضع حتى أكبر المنظمات وأقدمها في عمر الثورة السورية.
وعن هذا الموضوع يقول أحد العاملين في منظمة روافد الإغاثية، التي توقفت عن بيع الخبز المدعوم، بعد يومين فقط من قطع طريق الإمداد عن دير الزور، إثر ارتفاع حدّة المعارك بين تنظيم "الدولة الاسلامية" وخصومه من الفصائل الأخرى: "ليس لدى المنظمة مخزونٌ استراتيجيٌّ كبير... كل ما تبقى لدينا هو خمسة عشر طناً، هي للرمق الأخير كما يقال". ولكن ألا يبدو هذا غريباً بالنسبة إلى منظمةٍ بهذا الحجم، اكتسبت خبرةً واسعةً بتعاملها مع ظروفٍ أقسى من هذا الظرف بكثير؟ وبرغم أن كمية الخبز اليومية التي كانت تقدمها تبدو صغيرةً بالنسبة إلى إمكانياتها؛ إذ إنها كانت تقدّم 1000 - 1500 كغ في اليوم، وهي كميةٌ يصعب أن تستنفد منظمةً إغاثيةً بهذه السرعة؛ كل ذلك دفع الكثير من أهالي المدينة إلى الاعتقاد بأن توقف المنظمة عن تقديم الخبز المدعوم قد جاء نتيجة قرارٍ مدروس، وليس نتيجة مأزقٍ ماليّ، وهو ما يعبر عنه خالد، أحد العاملين في المجال الإغاثي في دير الزور: "الناس هنا تعرف أنه ما زال لدى المنظمة الكثير من الطحين، فقد شاهد الجميع الكميات الكبيرة التي أدخلتها في وقتٍ سابقٍ على قطع الطريق. ولا يوجد تفسيرٌ منطقيٌّ لتوقفها عن تشغيل المخبز إلا بأن يكون هذا بأمرٍ من الخارج. والناس تعتقد أن الكثير من المنظمات تتبع نفس الطريقة في حجب المعونات". وإذا تساءل المرء عن الهدف الذي يدفع المنظمات إلى مثل هذه التصرفات، كما يرى الناس، يأتيه الجواب: "قد يكون لشراء الولاءات"، أو "لإحراج أطرافٍ أخرى تعمل على الأرض"، وقد يصل أحياناً إلى "بيع المعونات". ولكن، إن لم يشأ المرء تصديق مبالغات البسطاء وإشاعات المغرضين وقدح الخصوم؛ فهل توجد منظمةٌ إنسانيةٌ - إلا في النادر - لا تخضع للضغوط المتعددة من الداعــــمين أو التــــيارات الســـــياسية؟ كما هل تخلو منظمةٌ من ميول وأهواء المشرفين عليها؟
* عادت منظمة روافد لتقدّم الخبز المدعوم بعد أيامٍ من كتابة هذا المقال.