- Home
- Articles
- Radar
مدارس «متنقلة» بين أشجار الزيتون في إدلب
حمل سامر المصري قليلاً من أمتعته من ريف إدلب الجنوبي إلى منطقة المخيمات الحدودية تاركاً منزله بسبب القصف المدفعي من قبل قوات النظام على القرى والمدن، والذي أدى إلى سقوط عشرات الضحايا بينهم أطفال بالإضافة إلى إغلاق المدارس وما أفضى إليه من انعدام للعملية التعليمية بسبب الاستهداف المتكرر لأي تحرك للأهالي في تلك المناطق.
نصب المصري خيمة بين أشجار الزيتون لعدم قدرته على استئجار منزل مع عائلته في المناطق الشمالية، بالإضافة إلى عدم حصوله على خيمة ضمن تجمع المخيمات على الحدود السورية التركية. وفي حين يحصل شهرياً على بعض المساعدات الغذائية وسلال النظافة لمساعدته في البقاء، فإن الخدمات التعليمية بالنسبة إلى أطفاله معدومة بشكل كامل.
يقول "منذ أكثر من عامين وأطفالي منقطعون عن التعليم بشكل كامل. كنا نعمد إلى إرسالهم إلى المدارس في فترات الهدوء، ولكن التصعيد المتواصل وقيام الطائرات باستهداف المدارس بشكل مباشر أجبرنا على منعهم من الذهاب إلى مدرستهم وإبقائهم في المنزل خشية على حياتهم، وهو ما أدى إلى تخلفهم عن العملية التعليمية".
وأضاف "مع نزوحنا باتجاه المخيمات وبداية العام الدراسي لم تجد عشرات العائلات مدارس قريبة لتسجيل أطفالها فيها، لذلك بدأت في الآونة الأخيرة بعض المنظمات الإنسانية بإنشاء مدارس متنقلة بين المخيمات ورفدها بكوادر تعليمية، بحيث استطعنا تسجيل أطفالنا ومنحهم فرصة تلقي الدروس داخل المكان الذي نعيش فيه، ما يتيح لهم إكمال تعليمهم لاحقاً من دون عناء".
انتشرت في الآونة الأخيرة عشرات المخيمات العشوائية في ريف إدلب الشمالي، وخصوصاً في المناطق الحدودية بسبب نزوح آلاف العائلات من ريف حماة الشمالي والغربي وريف إدلب الجنوبي هرباً من الحملة العسكرية الأخيرة التي شنها النظام السوري بدعم من الطائرات الروسية، علماً بأن هذه المخيمات تعاني من نقص في مختلف مستلزمات المعيشة.
وعلى أطراف بلدة سرمدا بريف إدلب الشمالي، تم بجهود أهلية إنشاء مخيم لسكان ريف إدلب الجنوبي يدعى "الضياء" يتكون من 350 خيمة تؤوي ما يقارب 2500 نسمة. يعيش سكان المخيم وسط ظروف صعبة بسبب عدم وجود صرف صحي ومدارس لأطفالهم، ما يجبر البعض منهم على إرسال أطفاله مسافة 5 كلم موقع أقرب تجمع سكني في سرمدا من أجل إكمال تعليمهم.
سمير العمر أحد قاطني المخيم كان يعمل في مواد البناء يقول: "نزحنا إلى المخيم قبل شهر من بدء العام الدراسي وناشدنا عدداً من المنظمات أن تدعم إنشاء مدرسة تتكون من خيمة يتعلم فيها الأطفال، مع دعم الكوادر الدراسية برواتب شهرية. ولكن لم نلق آذاناً صاغية ما جعل نحو 350 تلميذاً داخل المخيم يعانون التسرب المدرسي". وأضاف "عدد الأطفال الذي يتعلمون في المخيم لا يتجاوز خمسة عشر يقوم أهاليهم بإيصالهم إلى إحدى المدارس في مدينة سرمدا، في حين هجر الآخرون التعليم وأقاموا بسطات متواضعة لبيع ما تيسر من حاجيات بهدف مساعدة ذويهم. وثمة قسم ثالث يرافق الآباء والأمهات للعمل في قطاف الزيتون وورش البناء".
ومع بداية العام الدراسي وانتشار مئات الخيام بين أشجار الزيتون وتسرب عشرات آلاف التلاميذ بسبب عدم وجود مدارس تستقبلهم وتساعدهم في إكمال تحصيلهم العلمي، أقامت منظمة "عطاء" مدارس مؤقتة بين أشجار الزيتون وقامت بتأمين المستلزمات التعليمية للعائلات التي لا قدرة لها على تعليم اولادها في شمال غرب سوريا.
ويقول مالك الطالب مدير مشروع التعليم والمشرف الإداري على قسم التعليم في المنظمة: "يقضي المشروع بإنشاء مدارس ابتدائية طارئة ضمن المخيمات العشوائية تحت عنوان "مدرستي معي" وهو يقع في الريف الشمالي لإدلب". ويضيف "عدد النقاط المتوقع إنشاؤها يناهز 40 نقطة، بحيث تضم كل نقطة تعليمية نحو 360 تلميذاً وتلميذة، تم إلى الآن إنشاء أربع نقاط تعليمية، والعمل مستمر لتغطية كل منطقة المخيمات الواقعة على الحدود السورية-التركية وإيصال النقاط اليها". ويؤكد أن "العاملين في المشروع يبذلون جهوداً كبيرة وسريعة لتوجيه الدعم المالي للداخل، وحماية أطفال المخيمات على وجه التحديد من الضياع والجهل".
يعمل الأستاذ إبراهيم سلوم خريج كلية الشريعة ضمن منطقة المخيمات الحدودية ويقول: "مع بداية العام لاحظنا تسرب آلاف التلاميذ بسبب انقطاع دعم التعليم وعدم وجود مدارس كافية تستوعب جميع التلاميذ الذين لجأوا مع أهاليهم إلى المخيمات والخيام العشوائية، بالإضافة إلى التراجع الكبير في مستواهم التعليمي بسبب الانقطاع المتكرر عن مدارسهم، لذلك كان من الواجب اتخاذ خطوات عاجلة لمواجهة هذا الأمر".
ويضيف "انتشار مشروع المدارس المتنقلة سيحل جزءاً كبيراً من المشكلة، فمعظم الطلاب سيتم تسجيلهم في هذه المدارس مع رفدها بعدد كبير من المعلمين العاطلين عن العمل والمقيمين في الخيم العشوائية. كما أن تأمين مقومات التعليم للتلاميذ سيشجعهم على المجيء إلى هذه المدارس ويخفف عن ذويهم عبء النفقات الدراسية".