- Home
- Articles
- Radar
طلاب دير الزور الجامعيّون خسارةٌ لا يعوّضها إلا سقوط الأسد
إعتصام في كلية الطب بجامعة الفرات
لا توجد إحصــاءاتٌ عن أعداد الطلبة السوريين الذين حُرموا من متابعة تحصيلهم الدراسيّ في الجامعات السورية. ولكن، ووفق تقديراتٍ عامة، تصل نسبة هؤلاء إلى أكثر من %50 من العدد الإجماليّ للطلبة. وترتفع هذه النسبة كثيراً إذا قلصت العينة لتشمل أبناء المناطق المحرّرة فقط. ويُفهم بسهولة، بالنظر إلى الطبيعة الإجرامية للنظام، أن يتوقف الطلاب المنخرطون بأنشطةٍ ثوريةٍ عن متابعة تعليمهم من تلقاء أنفسهم، إلا أن هذا غير مفهومٍ من طلبةٍ آخرين أخذوا موقفاً حيادياً من الثورة المندلعة منذ ثلاث سنواتٍ تقريباً. ويبرّر هؤلاء انقطاعهم عن جامعاتهم بالخوف من الملاحقة الأمنيّة والاعتقال لمجرّد أنهم ينتمون إلى المناطق المحرّرة، مثل عبد الله، طالب الهندسة الزراعية في جامعة الفرات بدير الزور، الذي يؤكد أنه، ورغم تعاطفه مع الثوار وكراهيته لنظام الأسد، لم يقم أبداً بأيّ نشاطٍ ثوريّ، ولم يشارك بأيّة مظاهرة، ورغم ذلك اعتقل على حاجز البانوراما أثناء توجهه لتقديم الامتحان صيف العام الماضي، ولم يخرج إلا بعد أسابيع عدّةٍ تعرّض خلالها لتعذيبٍ وحشيٍّ في فرع المخابرات العسكرية بدير الزور، وفاته الامتحان خلال هذه المدّة، وقرّر بعد خروجه من المعتقل أنه لن يعود إلى دراسته إلا بعد رحيل النظام. ويعلّق فراس، وهو طالبٌ في كلية هندسة البترول وعضوٌ في اتحاد الطلبة الأحرار، على الملاحقات والانتهاكات الأمنية بحق الطلاب قائلاً: بكلمةٍ وحيدةٍ أنا معارضٌ وليس لي الحق أن أدرس، لأن الجامعات هي ملكٌ لبشار ونظامه. ويقدّر فراس أعداد المفصولين من الجامعات بعشرات الآلاف، ومثلهم من النازحين في الداخل، إضافةً إلى آلاف المعتقلين. ويسعى اتحاد الطلبة الأحرار، كما يقول، إلى توثيق الانتهاكات المسجّلة بحقّ طلبة الجامعات. كما يحاول هذا الاتحاد، وبالتواصل مع جامعاتٍ في الخارج، تأمين منحٍ دراسيةٍ للطلبة المحرومين من متابعة تحصيلهم، وهي محاولةٌ لن تكون بديلاً بأيّ من الأحوال عن الفرص الطبيعية للطلبة في جامعاتهم السورية. والمشكلة لن تحلّ، كما يؤكد معظم الطلاب، إلا حين تحرّر جميع الجامعات من سلطة نظام الأسد وشبّيحته ومخبريه، الذين حوّلوا هذه الصروح العلمية إلى ثكناتٍ للقمع والتخويف والإرهاب. وما زال كثيرٌ من السوريين يتذكرون عمار بالوش، طالب الهندسة الطبية في جامعة دمشق، الذي قام بإطلاق النار على بعض الشبّيحة من طلاب هذه الكلية، ثأراً لتنكيلهم العلني به وإهانتهم له بالسحل والضرب، بالاشتراك مع شبّيحةٍ جاؤوا من خارج الجامعة، في ساحة الكلية وأروقتها، وعلى مرأى ومسمع الطلبة الآخرين.
وبالنظر إلى عدد منتسبي جامعة الفرات البالغ 10 آلاف طالبٍ موزّعين على كلياتٍ عدّة، تتركز معظمها في مدينة
دير الزور؛ فإن ثلثي هذا الرقم ـ بحسب تقديرات الناشطين ـ انقطع عن دراسته لأسبابٍ تعود بمجملها إلى الخوف من الملاحقة الأمنية والاعتقال، وانعدام الظروف الملائمة للدوام والدراسة. فليس من المعقول أن تفكر بمستقبلك وجامعتك وأنت تلوذ بسقفٍ أو جدارٍ هرباً من شظايا القصف بقذائف بشار الأسد الذي تملأ صوره حيطان الكليّات، كما يقول أحمد، طالب الآداب المقيم بحيّ الحميدية المحرّر. وليس من المعقول أيضاً - يضيف أحمد ـ أن أداوم أو أقدّم امتحاناً لأضفي شرعيةً ما على نظام عصابة الأسد، وليس صحيحاً أن هذا أمرٌ منفصل، لأن الجامعات والمدارس وحتى المشافي وغير ذلك من المؤسسات التي يفترض أن تكون للدولة السورية هي في واقع الحال، ومنذ سنينٍ طويلة، مؤسساتٌ لنظام الأسد. ولا يمكن أبداً أن أنسى أصدقاءً وزملاء وإخوةً لي في هذه الجامعات هم الآن بين شهيدٍ ومعتقلٍ ونازح، ولا يمكن بأيّ حالٍ تعويض ما جرى إلا بسقوط بشار الأسد. ويجادل طالبٌ جامعيٌّ آخر يقيم في حي القصور المحتلّ، رفض ذكر اسمه، في أن استمراره في دراسته أمرٌ طبيعيّ، فلا بدّ أن تستمرّ الحياة مهما حصل، وليس من الحكمة تضييع سنواتٍ ثمينةٍ من حياة الإنسان، كما يقول. ويأسف هذا الطالب، هو الآخر، لمقتل واعتقال وفصل زملاءٍ له في الجامعة.