مازوت مهرب بقبضة لواء الحدود - خاص عين المدينة
السكر.. المازوت.. أسلاك الكهرباء...
سلــــــع التهريب في إدلــــــب والحـــــر بالمرصاد
في أقصى الشمال السوري, وعلى سفح جبلي, يمتد بين الأراضي السورية والتركية, تقع قطمة القرية الصغيرة التي تتبع لمحافظة إدلب، وساعدها موقعها الجغرافي أن تكون من أوائل المناطق المحررة, وشكّلَ تحرير قطمة وغيرها من القرى الحدودية فرصة للمهربين وغيرهم ممن التحق حديثاً بهذه المهنة على طرفي الحدود.
استطاعت عين المدينة أن تكون هناك مع المهربين بين أكياس السكر وحمولات المازوت, وتبدو عملية التهريب سهلة وخصوصاً مع استخدام بغال مدربة على السير لمسافات طويلة, والصعود والهبوط بحمولاتها الثقيلة عبر الأودية والمنحدرات الجبلية الصعبة.
يتناقل أهالي المناطق الحدودية في الجانب السوري أخباراً عن سرقات تحدث ومن مخصصات الإغاثة الغذائية التي تقدمها المنظمات التركية والدولية, وعن تسرب هذه المخصصات إلى الأسواق ليعاد تصديرها وعبر المهربين وبغالهم القوية إلى تركيا. يقول ياسين وهو مواطن تركي من قرية سنصرين المقابلة لقطمة إنه يشاهد وفي كل ليلة تقريباً قافلة من البغال المحملة بأكياس السكر, تهبط من الجانب السوري, لتباع إلى تجار أتراك.
مقاتلو الحر يتصدون للتهريــــب
يقول مصطفى عبد الله قائد لواء صقور الإسلام ومؤسس لواء الحدود الذي يناوب مقاتلــوه يومياً لمنع التهريب:
«شكلنا هذه القوة أو اللواء لحماية حدودنا من أذناب الأسد, المفسدين الذين يحاولون استغلال أية فرصة للتخريب وتدمير هذه الثورة وحياة الناس هنا وبأية طريقة».
ويضيف عبد الله: «إنهم يتصدون وبكل ما يستطيعون لعمليات التهريب، وخصوصاً للمواد الغذائية والمحروقات التي يساهم تهريبها برفع أسعارها المرتفعة أصلاً, وكثير من هذه المواد هي مساعدات قدمها الأتراك لإغاثة المنكوبين, لكنها تسرق لتعود إلى تركيا من جديد».
ويبيّن القائد الأربعيني الذي يقاتل كثير من جنوده في حلب ومعرة النعمان إنه يريد أن يبني قوة منضبطة, تحفظ أولا وقبل كل شيء أرزاق الناس وحاجاتهم, وتمنع ولو بالقوة كل ما يفسد حياة الناس ويخرب المجتمعات، كالمخدرات التي ضبطت إحدى دوريات لواء الحدود ما يعادل 2.5 كيلو غرام منها. قد تكون مادة التهريب هي النحاس أو أسلاك الكهرباء التي يقطعها لصوص تخصصوا بهذا الفن الناشئ من فنون السرقة, حيث تقطع الأسلاك النحاسية من شبكات الكهرباء، ومن ثم تجمع وبكميات كبيرة لتهرب إلى الأراضي التركية.
ويحال المهربون الذين يقعون في قبضة لواء الحدود إلى المحكمة الشرعية التي تتولى الفصل في أمرهم, والتي تتدرج عقوباتها على المهربين من السجن لثلاثة أيام في المرة الأولى, وأسبوعين في الثانية، وستة أشهر في المرة الثالثة, ومع غرامات متضاعفة في كل مرة.
وفي تسلل لا يخلو من المغامرة إلى جلسة مهربين, كانوا ينتظرون حلول الظلام ليبدؤوا رحلتهم اليومية, قال عبدو وهو نازح من حي صلاح الدين في حلب, انه اضطر للعمل بتهريب المازوت ليؤمن قوت عياله, ويضيف المهرب المبتدئ إنه فتش كثيراً عن عمل بدون جدوى، فاضطر إلى صنعة التهريب, واختص بالمازوت «الذي قد يتجاوز ثمن الليتر الواحد منه 200 ليرة».
ويؤكد صــالح وهو مهـــــرب آخــــر من ريف إدلب الشمالي, إنه اضطر إلى التهريب بعد أن قطع وبحسب وصفه المجرم بشار الرواتب, وهو الآن يهرب الدخان والمازوت والسكر وأي مادة أخرى بشرط أن لاتكون مسروقة.
وينفق جزءاً من أرباحه كما يــــــــــــقول على النازحين والفــــــــقراء. ويضيف في لفتة طريفة أخرى إنه سيتعاون مع لواء الحدود ومع أية جهود مشابهة, ويخـــــتم كلامــــــــه بالقـول : «وننتظر لنرى ماذا سيحدث بعدها لهذا الوطن».