تراجعٌ في الجبهات الوسطى وتقدمٌ في دير الزور وحلــــب
حمص محــور الرعــب الجــديــد...
والبوابـــة التي تفتح معــــادلات جــديــدة
بعد القصير وتلكلخ كان لا بد أن تحتل معركة حمص الصدارة في مجمل المواجهات العسكرية بين جيش النظام السوري وكتائب الثوار، كنتيجةٍ لاحقةٍ لسيطرة النظام على ريف حمص الغربي، باعتبار هذا الريف البوابة الأهم للإمداد بالسلاح وعناصر حزب الله. وما يدور في حمص اليوم ليس مجرد معركة عادية، فهناك خفايا بدأت تظهر للعيان في هذه الجبهة الأساسية التي تتوسط الجغرافية السورية. فما الذي يجري؟ ولماذا يبدو اليأس سيد الموقف في أوساط الثوار ومؤيّديهم؟ وكأن الجميع ينتظر خبر سقوط حمص في يد النظام!
قبل أيام من اقتحام حمص شكا الكثير من ثوارها وقادة كتائبها من قلة الإمداد، الذي لا يعود فقط إلى شدة حصار النظام للمناطق الثورية الأساسية في المدينة (الخالدية، وادي السايح، القرابيص، جورة الشياح، باب هود) وإنما لإهمال تلك الجبهة من قبل قيادة أركان الجيش الحر، والشكوك بتواطؤ أو توقيع اتفاقيات من تحت الطاولات، ما يفتح الباب أمام النظام لبدء القصف والتحضير لاجتياح "عاصمة الثورة".
لم يكن سرياً ما تم توقيعه بين ثوار الوعر والنظام، إذ تقتضي الاتفاقية بين الطرفين تجنيب الوعر القصف والاجتياح مقابل تسليم سلاح الثوار فيها.
بينما كان غير واضحٍ للعيان أسباب تلك الاتهامات المتبادلة بين مختلف القادة والكتائب، والتي برزت بقوة فيما أشيع عن إنذارٍ تم توجيهه من قبل العقيد خالد الحبوس إلى فاتح حسون قائد جبهة حمص ونائب رئيس الأركان وبشار سعد الدين قائد المجلس الثوري في حمص، متهماً إياهما بالتراخي والتحريض على الانسحاب، إلا أن الانسحاب الفعلي لم يسجّل من أية منطقة لا قبل بدء القصف ولا بعده.. الحبوس طالبهما بالإفصاح للعلن عما يجري وما هي الأوامر الجديدة التي تلقياها.
وتزداد الشائعات حدة بعد دخول النظام لتلكلخ ـ المدينة الاستراتيجية ـ بسهولة كبيرة، عندما لم تهب لنجدتها أي كتيبة، بل اقتصرت المقاومة على بعض شبان المدينة، ومن ثم سقوط القريتين بسهولة، ومن بعدها حصار قلعة الحصن.
أما في داخل المدينة فنجد الكتائب المرابطة توجه التهم لقيادة الأركان وتحمّلها مسؤولية ما سيجري، خاصة بعد الحصار الكامل المطبق على الأحياء الرئيسية وانعدام الإمداد عن كتائب الحر فيها.
واستراتيجياً تبدو حمص أكثر أهمية اليوم مع اشتداد معارك حلب، إذ تتوضّح أهداف النظام بمحاولة السيطرة على حمص لتكون قاعدة عسكرية في دعم وإمداد الجبهات الأخرى من جهة، وقاعدة لحماية كافة المناطق الغربية التي تمت السيطرة عليها مؤخراً من جهة أخرى. بل وحماية أتباع النظام في حمص وريفها وصولاً إلى الساحل، فيما أسماه محللون "النطاق الطائفي للنظام".
تقدمٌ للجيش الحر
أما تقدم الجيش السوري الحر فيتبدى واضحاً خلال الأيام الماضية في جبهات المنطقة الشرقية، وخاصة جبهة مطار دير الزور العسكري، حيث تمكن الثوار من السيطرة على الأبنية الرئيسية التي كانت تعتبر خط الدفاع الأول عن المطار بالنسبة للنظام، وأهمها بناء المسمكة والبناء الأبيض، وهو ما قد يفتح معركة جديدة للسيطرة على المطار الأبرز عسكرياً في المنطقة الشرقية، كونه نقطة انطلاق قذائف النظام على مختلف مناطق ريف دير الزور وسواها.
وفي حلب تهدأ الجبهات تارة وتتصاعد تارة أخرى، خاصة على جبهة الراشدين والبحوث العلمية، بينما يعتمد النظام خطةً جديدةً باستخدام صواريخ أرض أرض قصيرة المدى لاستهداف الأحياء المدنيّة في شرق حلب التابع للجيش الحر.
ويعتبر صمود ثوار الغوطة الشرقية، وخاصة بعد محاولات اجتياح القابون، هو الأهم في الجبهات الجنوبية، خاصة وأن هذه المنطقة تخضع لأكبر عملية عسكرية وأكثف قصف، دون نتائج واضحة لتقدم النظام على أي جبهات، بل وبنتائج إيجابية للثوار على جبهة قرى منطقة المرج وطريق مطار دمشق الدولي.