جانب من محطة الشميطية
نجح مجلس الشميطية المحليّ في تشغيل محطة تصفية المياه، بعد عملٍ مضنٍ بذله أعضاء هذا المجلس في مشروعٍ يؤمّن المياه الصالحة للشرب لعشرات الآلاف من سكان هذه البلدة وجوارها.
لم يكن الهاجس الأمنيّ في المناطق التي تتعرّض للقصف هو المعاناة الوحيدة للسكان في محافظة دير الزور. ففي ريفها الغربيّ، وبالتحديد في بلدة الشميطية وما يجاورها من قرى "زغير شامية" و"الخريطة جبل"، يعيش 45 ألف نسمةٍ في ظلّ نقصٍ حادٍّ في مياه الشرب، بعد تراجع الطاقة الإنتاجية لمحطة الطريف، كما ذكر ناشطون محليون. مما دفع المجلس المحليّ لبلدة الشميطية إلى استكمال مشروع إنشاء محطة مياهٍ في البلدة. وهي محطةٌ كانت أعمال إنشائها قد شارفت على الانتهاء، ثم توقف العمل فيها مع اندلاع الثورة. وبحسب مصادر مؤسسة المياه التابعة لحكومة الأسد، تبلغ الطاقة الإنتاجية للمحطة 200 مترٍ مكعبٍ في الساعة. وهو رقمٌ كفيلٌ بحلّ مشكلات النقص في إمدادات مياه الشرب.
في ظلّ تراجع محطة طريف.. مياهٌ ملوثةٌ وإصابات...
بعد تحرير قوّات المعارضة مدينة الطريف "سُرقت" بعض تجهيزات المحطة، على حدّ وصف الناشط الإعلاميّ أبو خالد، الذي يرى أن انشغال الجيش الحرّ بقتال النظام، وغياب الحسّ الأمنيّ، كانا وراء ما أصاب المحطة، مضيفاً إلى ذلك استجرار بعض أهالي الطريف وقراها مياه الشرب واستخدامها لسقاية الأراضي الزراعية. ما جعل السكان في الشميطية، بحسب الناشط الإغاثيّ عبد الله، يلجؤون إلى مياه الآبار رغم المخاطر الصحية لذلك، ورغم الحوادث التي تسبّب بها استخدام مياه الآبار لأغراض الشرب، إذ أجريت عدّة عمليات استئصالٍ للزائدة الدودية بسبب المياه الملوّثة. كما يشرح عبد الله لـ"عين المدينة" صعوبة الحصول على مياهٍ صالحةٍ للشرب، إذ ترتفع أسعار مياه الصهاريج ويعجز معظم سكان البلدة عن شرائها. كلّ ذلك دفع بأعضاء المجلس إلى البحث عن حلولٍ جذريةٍ لهذه المشكلة، ولم يكن أمامهم سوى التفكير في تشغيل المحطة رغم صعوبة ذلك، إذ يترتب عليهم قبل ذلك استكمال الأعمال المدنية والميكانيكية فيها، فلا يكفي وجود البناء وخزانات الترقيد وشبكة الأنابيب وغير ذلك مما أنجزته مؤسسة المياه لتشغيل المحطة واستثمارها، بل يحتاج الأمر إلى تجهيزاتٍ عدّةٍ لا يتوافر بعضها في الأسواق المحلية، حسب ما يقول الناشط أبو علاء، إضافةً إلى ضعف الإمكانات المالية للمجلس، مما أفشل محاولة التشغيل الأولى في صيف العام 2013.
محاولة التشغيل الثانية.. وأبو دحام
لم يستسلم أبو دحّام، رئيس المجلس المحليّ، للعوائق التي حالت دون تشغيل المحطة. فبذل جهوداً جبارة لإنجاح المشروع، ودفع من ماله الخاصّ مبالغ ماليةً وصلت إلى ثلاثة ملايين ليرة، بحسب ما يتحدث المهتمون بالمشروع، قبل أن توافق المنظمة الداعمة على دفع مبلغ 15 ألف دولار، وساهم مجلس الشميطية بـ 5 آلاف، ومجلس بلدة الخريطة من طرفه بمبلغ 6 آلاف دولار. علماً أن تكلفة التشغيل الإجمالية تصل إلى 13 مليون ليرة، مما يرتب ديناً كبيراً، بالمقارنة مع الإمكانات المتوافرة، يصل إلى 8 ملايين ليرة، منها ثلاثةٌ لأبي دحام، الذي لا يبدو قلقاً من عدم استرداد ماله أمام النجاح الكبير الذي حققه في تشغيل المحطة. ويذكر العاملون في المشروع الدور الذي قام به متطوعو الهلال الأحمر، والمساعدات الهامة التي تلقوها منهم، وخاصةً في تأمين مادة الكلور اللازمة للتعقيم.
يعتبر نشـــــطاء الريف الغربيّ المشــــــروع خطوةً هامةً في عمل المجالس المحلية للمــــنطقة، وكسب ثقة السكان بهذه المؤسسات الأهلية الوليدة التي تحاول أن تتصدّى لمشكلاتٍ كثيرةٍ يأتي تأمين مياه الشرب، بشكلٍ مناسبٍ ودون انقطاع، في مقدمتها.