- Home
- Articles
- 1
امتحان الشيخ بوطاقة
قبل عام ونصف كان سومر ونوس، ابن ضيعة (معرين الصليب) التابعة لمصياف، مزهواً بنفسه كصف ضابط في حرس نظام الأسد الجمهوري، يطلق الصواريخ دون حساب على جبهات داريا. ومع كل بناء يدخله جيش النظام كانت لونوس حصته من الغنائم، لكن فجأة تغير كل شيء إلى غير رجعة.
أصيب الشاب، ابن الستة وعشرين عاماً آنذاك، بطلقة رشاش متفجرة حطمت فكه وكادت تودي بحياته، ومن حينها وهو يخضع لعمليات جراحية دون فائدة. إذ يستحيل، حسب قدرة الأطباء العسكريين الذين عالجوه، أن يعود الفم إلى وظائفه السابقة. أطلق الشاب، ونجوم فيسبوك متعاطفون معه، مناشدات تحض «أهل الخير» على مساعدة «الشهيد الحي» بالتبرع لجمع تكاليف علاجه في الخارج. لأنه، وهو الأب لطفلين، والأخ لشهيد، والفقير المعدم الذي يسكن وأسرته غرفة واحدة دون مرافق، يعجز عن أي عمل وهو في الحالة هذه يأكل طعاماً مطحوناً عبر فتحة في العنق، حسب ما شرحت منشورات فيسبوكية اتهمت «الدولة» بالتقصير.
ولا يبدو أن ونوس استسلم لمصيره المأساوي، قبل أن تلم به حادثة أخرى بإلقاء القبض عليه متلبساً يتاجر بالبنزين بعبوات أكثر من 100 ليتر حسب ما قالت شرطة مدينة القدموس. بينما نقلت منشورات تضامنت معه في صفحات كبرى رواية أخرى تتلخص في أنه كان يحمل عبوة صغيرة 10 ليتر فقط من البنزين جلبها بعد رحلة مضنية إلى قرية عين حسان في القدموس، وأنه اشتراها لتغذية مولدة الكهرباء عندما يجوع ويلزمه تشغيل خلاط الطعام. ويعبر المتضامنون مع ونوس عن غضبهم من الشرطة التي لم تقم وزناً للبطل الجريح بل أهانته وضربته وألقته في السجن بتهمة التهريب.
* * *
في قرية (كرتو) بريف طرطوس، في آذار الماضي، أثناء جنازة قتيل في جيش الأسد، أخذ الحماس بالشاب فادي جري مأخذه ليطلق النار احتفالاً بـ«الشهيد»، مثل عشرات غيره، فاستعار بندقية وراح يطلق النار في الهواء ثم أفقياً ليردي حسن مرعي. وهو عسكري كان في إجازة وأراد المشاركة في «تشييع زميله»، وفق ما قالت صفحات موالية على الفيسبوك اتهم بعضها جري أنه فعل ذلك عن قصد ثم لاذ بالفرار. بعد أسبوعين ظهر القاتل في مقام الشيخ يوسف بوربعو، المعروف بـ«بو طاقة» والمقدس لدى العلويين، ليقسم أمام شيخ المقام وعلى المصحف إنه لم يقصد قتل مرعي، وإنه لا يعرفه ولا يعرف زوجته ولا أهله، نافياً شائعات تحدثت عن دوافع ونية مبيتة للقتل. وبعد القسم، وحسب مقطع مصور، خضع جري لاختبار الطاقة (الفتحة) في جدار المقام، وهو اختبار كذب يحاول فيه المختبَر أن يمرّ خلال فتحة تضيق من الداخل إلى الخارج، فإن نجح فهو صادق في قسمه وبريء مما نسب إليه، وإلا فهو كاذب. نجح جري بصعوبة في فحص الطاقة، وأثبت للشهود ولآلاف المعلقين الذين تعاطفوا معه على الفيسبوك أنه بريء.