أيمن سليمان
لمسةٌ من الحزن تنتابك عندما تمشي في شوارع الميادين، تلك المدينة التي عانت في سنوات النظام السابقة، ولا زالت تعاني، من إهمالٍ شديدٍ في المرافق الخدمية، رغم أهمية هذه الحاضرة.
وللحديث عن أهم المشاكل التي يعاني منها هذا البلد التقينا بالمهندس المدنيّ إبراهيم الحامد، فتفضل قائلاً: الميادين مدينة تعاني من قبل، ولا زالت، من نقصٍ شديدٍ في المرافق الخدمية. فهناك نقصٌ في أعداد الحدائق العامة، إذ لا توجد في قلب المدينة سوى حديقةٌ واحدة فقط. وكذلك تعاني الأحياء التي تقع في ضواحي المدينة من إهمالٍ يشمل كافة النواحي الخدمية. عدا عن كورنيش النهر، الذي تحوّل، في كثيرٍ من أجزائه، إلى مكبٍّ للنفايات بدل أن يكون متنفساً للأهالي لقضاء أوقات الفراغ. ولعل فترة مربعانية الشتاء، وما رافقها من بردٍ وأمطار، قد فاقمت سلبيات غياب الجانب الخدمي. فالشارع العام، ورغم أنه الأهمّ في الميادين، قد تحوّل إلى طريقٍ أشبه بالطرق الزراعية غير المعبّدة؛ طينٌ وحفرٌ وبركٌ للماء الآسن، وبالذات في المنطقة التي تقع أمام مسجد الغرب. فرغم أنها مليئةٌ بالمحالّ ويرتادها المارّة من داخل الميادين وخارجها، إلا أن المشي فيها بات ضرباً من العذاب جعل الناس يعانون الأمرّين، حتى صار البعض لا يفضّل الذهاب إلى السوق إلا في حالات الضرورة القصوى.
شارعٌ طينيٌّ يسكنه الموسرون
وما يزيد الإهمال في البنى التحتية قلة المبادرة، بل انعدامها أحياناً، لدى كثيرٍ من الأهالي، وخصوصاً الموسرين منهم. ففي شارعٍ مجاورٍ لما كان يسمى بداور الحزب سابقاً، وهو من الشوارع المهمة في المدينة، إذ يعتبر ممرّاً حيوياً للناس وللسيارات في آنٍ معاً، ورغم أن أغلب من يقطن فيه من ذوي السوية المادية العالية، ورغم أنه مجاورٌ لأحد المطاعم الشهيرة؛ إلا أن الأوساخ وبرك الماء جعلت من هذا الشارع منافساً قوياً لأسوأ الشوارع في المدينة، وقد سبق أن وقع في حفره الأطفال مرات عديدة. مع أن باستطاعة أهل الحي ـ من خلال تعاونهم الماديّ ـ إصلاح هذه الطريق ولو بشكل إسعافي.
أما السيد عماد نايف، وهو من سكان مدينة الميادين فعبّر عن معاناته من نقــــص الخدمـــــات بقـــوله: يشــــكّل الازدحام الشديد الذي شهدته الميادين، كونها باتت حاضنةً للنازحين من داخل وخارج المحافظة، عاملاً مفاقماً في تردّي البنى التحتيـــــة في هذا البلد. فالناس تحتار أين تخــــــرج بأبنائها الذين بات أغلبهم حبيس المنازل، إذ لا توجد حدائق موزّعةٌ في الأحياء تتيح للصغار اللعب والتسلية، أما الأسواق فالازدحام الشديد
والشديد جداً يجعل ذهاب الأطفال مع أهلهم إليها نوعاً من أنواع الإزعاج لهم ولآبائهم.
ويتابع عماد حديثه: كما يتيح غياب الرقابة الحقيقية للأسواق فرصةً لأصحاب المحالّ لاستغلال الأرصفة بشكلٍ كاملٍ أحياناً، بشكلٍ لا يمكّن المارّة أبداً من المشي على الرصيف. ليشترك في الطرق العامرة بالطين وبرك الماء كلٌّ من الناس ـ كثيري العدد ـ والسيارات. وما يزيد الطين بلّةً الازدحام الشديد في ساعات الصباح، فترى جميع المارّة في الشارع يتذمرون من الأوساخ ومن الزحام في آنٍ معاً.
فهل من جهةٍ غيورةٍ تأخذ على عاتقها إنقاذ ما يمكن إنقاذه من شوارع ومرافق هذه المدينة، التي من المفترض أن تكون معلماً سياحيّاً بوجود رحبة مالك بن طوق الشهيرة، عدا عن وجودها في موقعٍ مهمٍ على نهر الفرات.. وغير ذلك من العوامل الأخرى، التي أضيف لها في العقود الأخيرة أنها قريبةٌ من حقول استثمار النفط، الذي لم يجلب لها سوى التلوث... قبل تحريرها وبعده!