الصورة من موقع themarker.com
بنيامين بارث/ اللوموند | ترجمة مأمون حلبي عن الإنكليزية
بالرغم من مشهد الدمار الموحش الذي يخلّفه جنود النظام، والعقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الغرب، ما زال بضعةٌ من أصحاب المشاريع الذين في دائرة نفوذ السلطة يراكمون الأرباح. وهم يكشفون الغطاء عن جزءٍ من هذه المنظومة العجيبة والمتوحشة التي تسمح للأسد بالحفاظ على ولاء تابعيه، وبتمويل حربه ضد المعارضة.
إن النزف الممنهج الذي تتعّرض له البلاد، واعتماد النظام على حلفائه، ولا سيما إيران، أمرٌ لم يكن أبداً بالشدّة التي
هو عليها الآن.
يقول صديقٌ سابقٌ مقرّبٌ من عائلة الأسد: "خزينة الدولة لا يدخلها دولارٌ واحدٌ تقريباً بطريقةٍ مشروعة. آبار النفط حالياً تحت سيطرة المتمرّدين أو الأكراد، والناس لم تعد تدفع الضرائب ولا فواتير الماء والكهرباء، وكلّ ما تبقى لدى النظام ليدفع أجور موظفيه هو عمليات الاحتيال المالية والمساعدة المباشرة من إيران والعراق". بخصوص عمليات الاحتيال، ما زال رامي مخلوف هو المعلم. فهو يسيطر على قطاعاتٍ كبيرةٍ من الاقتصاد السوريّ، بما فيها شبكة سيريتل للخليوي. وقد قام، بالاشتراك مع أيمن جابر وعبد القادر صبرا، وهما رجلا أعمالٍ من الساحل، وسمير حسان، وهو موظفٌ سابقٌ في شركة نستله، بالاستثمار في استيراد المواد الغذائية، وخصوصاً القمح والأرز والسكر والشاي. ظهرت هذه السوق الجديدة بعد مواسم العام الماضي السيئة، وبعد أن سيطر المتمرّدون على مناطق ريفيةٍ شاسعة. وعلى خلاف النفط، لا يشمل الحظر التجاريّ الأوربيّ المواد الغذائية. وكان استيراد النفط ضربة حظٍّ أنتجتها الأزمة. وقد تمّ تسليم عملية الاستيراد للقطاع الخاصّ بعد أن فقدت الدولة سيطرتها على مواقع الاستخراج في دير الزور والحسكة. هذه السوق أكثر جاذبيةً بكثيرٍ لأن إيران قد منحت سوريا قرضاً بقيمة 3,6 مليار دولار لشراء النفط الخام ومنتجاتٍ نفطيةٍ أخرى العام الماضي. المحظوظون الذين استلموا هذه العملية يحصلون على الإمدادات النفطية من إيران والعراق، وأيضاً من مجموعات المتمرّدين التي سبق وسيطرت على هذه الآبار. يقول بتر هارلينغ: "من وجهة نظرٍ اقتصادية، أعاد النزاع ترتيب الأوراق، مجبراً العائلات الكبيرة على الرحيل أو على إغلاق شركاتها والسماح بظهور جيلٍ جديدٍ من محتالي البزنس". من السماسرة في سوق القمح عائلةٌ لاذقانيةٌ تعمل لصالح ذو الهمة شاليش، قائد الحرس الرئاسيّ، ومشمولٌ بالعقوبات الغربية. ولكي يتجنب العقوبات الدولية، فإن أولئك الذين ينتفعون من الحرب يعملون في الخفاء. ويزعم أحد أفراد النخبة المالية الدمشقية أن لدى رامي مخلوف مجموعةً من القانونيين يعملون لصالحه، ويمضون وقتهم في خلق شركاتٍ تكون غطاءً لأعماله. بعض هذه الشركات التمويهية فضحها مخبرون من وزارة المالية الأمريكية والمفوضية الأوربية. لكن، حسب رجل أعمالٍ مطّلع، استطاع رامي أن يحمي معظم ثروته. وعن طريق والده الذي يتنقل بين دمشق وموسكو، لرامي الحق باستخدام منشآتٍ في روسيا التي يتم طبع العملة السورية فيها بعد أن توقفت النمسا عن فعل ذلك. وفي كانون الأول 2011 أعطت روسيا الإذن للبنك المركزيّ السوريّ بفتح حساباتٍ في البنوك الروسية. إمبراطورية رامي مخلوف لها أيضاً فروعٌ في رومانيا، التي يشغل والد زوجة رامي، وليد عثمان، منصب سفير سوريا فيها. وتضمّ عصابة الطغمة السورية أيضاً ماهر الأسد وموظفيه محمد حمشو وسامر الدبس وخالد قدور. وسيُمنَح حمشو الإذن في القريب العاجل، من قبل وزارة السياحة، بتطوير مشروع جزيرةٍ اصطناعيةٍ في طرطوس. مقابل مساهمة الدولة، يعيد هؤلاء الصناعيون تحويل جزءٍ من أرباحهم للنظام. تقوم سريتل بدفع أجور الموظفين، وربما الشبيحة. وبحسب جهاد يازجي، تضع شركات الباصات مركباتها تحت تصرف الجيش. لكن لنبتعد عن الخطأ: بالنسبة إلى الأغلبية الساحقة من رجال الأعمال السوريين، يشكل النزاع كارثة. وقد قدّر خبراء الأمم المتحدة أن سوريا، حتى مع نموٍّ يبلغ 5% سنوياً، ستحتاج إلى ثلاثين عاماً قبل أن يعود إجمالي الناتج المحليّ فيها إلى مستواه في فترة ما قبل الحرب.