الحصبة هي مرض فيروسي انتقالي حاد ومعدٍ، يؤدي إلى مضاعفات قد تكون خطيرة في بعض الأحيان. ويعدّ هذا المرض من أكثر الأمراض انتشاراً في سن الطفولة بصفةٍ خاصة، ولكنه قد يصيب الكبار أيضاً، ويكون بدرجة خفيفة إذا كانوا ملقّحين، وبدرجة شديدة في حال عدم اللقاح. وقد يؤدي إلى إسقاطات عند الحوامل. وينتقل المرض من شخص إلى آخر عن طريق العطاس والسعال والاحتكاك المباشر مع المريض، لذا يجب عزل المصاب.
ويُعدّ الطبيب المسلم أبو بكر الرازي أول من عرّف مرض الحصبة وميّزه عن مرض الجدري. وفي بداية الستينات من القرن الماضي قامت مجموعة من العلماء بإنتاج لقاح للحصبة يُعطى في نهاية السنة الأولى من العمر، أدّى إلى تراجع المرض بشكل كبير في معظم الدول.
كان هذا اللقاح يُعطى في كافة قرى ريف دير الزور، ولكن، نظراً لما يتعرض له هذا الريف من قصفٍ ومعارك وحصار، أدّى ذلك إلى انعدام أخذ اللقاح في غالبية القرى، مما أدّى إلى عودة المرض، فأصبحنا نستقبل عشرات المصابين يومياً. وفي مشفى بقرص الميداني، والنقاط الطبية التابعة له، بتنا نستقبل عوائل بأكملها مصابة، فهذه العوائل تكون لاجئة ولا يمكنها عزل المريض. كما أننا نستقبل عوائل مصابة من البدو، الذين أجبرتهم ظروف الجفاف والغلاء على الاستقرار في محيط قرانا. وبما أن غالبيتهم لم يتلقّ لقاح الحصبة، كانت فرص إصابتهم بالمرض كبيرة.
تظهر أعراض المرض بعد مضي عشرة أيام من دخول الفيروس إلى الجسم المصاب، فترتفع درجة حرارة الطفل المصاب بالحصبة لمدة ثلاثة أيام، يعاني فيها من زكام شديد وسعال جاف واحمرار وحرقان بالعينين التي تمتلئ بالدموع وتزداد حساسيتها للضوء. وعند نهاية اليوم الثالث تظهر بقع بيضاء داخل الفم تشبه ذرات الملح، وخاصة على الجوانب الداخلية للشدغين، تدعى بقع كوبلك. وفي اليومين الرابع والخامس يظهر طفح جلدي أحمر اللون، يبدأ خلف الأذنين ثم ينتشر على الوجه، ثم الجذع، ويغطي أخيراً سائر الجسد.
يتماثل معظم الأطفال للشفاء بعد إصابتهم بالحصبة. وتتكوّن لديهم مناعة دائمة ضد الفيروس المسبّب للمرض. قد يعاني بعض الأطفال من مضاعفات الحصبة، مثل الإصابة بالتهاب الأذن الوسطى أو التهاب القصبة الهوائية أو التهاب الرئتين. كما أن نسبة صغيرة جداً منهم يصابون بالتهاب الدماغ (encephalitis) الذي يمكن أن يؤدي إلى حدوث مشكـــــــــــــــــــــلات ذات عواقــــــــب وخيمــــــــــــــــــة على الطـــــــــــــفل المصــــــــــــــاب.
لا يوجد هناك علاج معين شاف للحصبة. ولا تنفع المضادات الحيوية في ذلك، فهي مرض فيروسي. ويحتاج الطفل إلى المضادات الحيوية لعلاج المضاعفات البكتيرية، مثل التهاب الأذن أو التهاب الرئتين.
يجب أن يلزم المصاب الفراش طوال مدة المرض. وتعطى خافضات الحرارة ونقط للأنف ودواء ضد السعال. كما تُخفف درجة الإضاءة ويُجدد هواء الغرفة من حينٍ إلى آخر. يجب أن يُكثر المريض من السوائل ويأكل طعاما مغذياَ.
تستعمل بعض الغسولات المتوفرة في الصيدليات لتخفيف الحكّة، وكذلك محلول النشاء والماء. وإذا اشتدت الحكّة فيمكن إزالتها باستخدام مركبات مضادات الهستامين(الحساسية).
الصور من الأرشيف الطبي لمشفى بقرص الميداني