عدسة منذر | خاص عين المدينة
البوكمال مدينة الله أكبر تزهر بربيع شهدائها
حيث يودع الفرات أرض سورية، وحيث كانت تخرج أولى المظاهرات في سورية كل جمعة.. البوكمال، مدينة الله أكبر كما يحلو لأبنائها تسميتها، تأبى إلا أن تكون مدينة بكامل ألقها الفراتي رغم كل القصف والدمار الذي طال شوارعها وأبنيتها وجدرانها، لتعيد دورة الحياة من فراتها وبسواعد أبنائها ولتمسح الغبار عن وجهها وتجعل من تلك الجدران لوحات فنية تضم أسماء قوافل شهدائها الأبطال وعبارات ومواعظ تحض على التحلي بالقيم والمثل والأخلاق الحميدة لتتزين بألوان الربيع والثورة.
تشهد المدينة أنشطة مدنية عدة تقوم بها تجمعات شبابية مختلفة تحرص جميعها على استثمار بناء لمناخ الحرية الذي تعيشه
وبما يساهم في صناعة وجه جديد لها يبرز في كل مكان، وأصبحت الجدران ساحة عمل لنشاط من أنشطة الفعاليات الشبابية. يقول أحد المشرفين على تنفيذ هذه الأعمال:
بكل بساطة أردنا أن نصنع شيئاً لشهدائنا، إضافة إلى تجميل منظر الجدران التي أرهقتها شعارات النظام الفارغة في تلك الحقبة، ولكي نحصل على منظر جمالي للمدينة يعيد إليها رونقها, فبدأنا بكتابة الأسماء البالغ عددهم 302 شهيداً ضمن قوائم حسب تاريخ استشهاد كل منهم. ويأتي هذا العمل ضمن خطة متكاملة لإعادة تجميل المدينة التي ستشهد في الأيام القادمة خطوات أخرى تتضمن تسمية الساحات والمدارس والمشافي بأسماء الشهداء لأنهم يستحقون منا كل التقدير والإجلال لذكراهم. وسنعمل قريباً على طباعة كل صورهم ونشرها على لوحات كبيرة في مداخل المدينة والحدائق والأماكن العامة. كما عملنا على تزيين المداخل الرئيسية للمدينة بلوحات فنية معبرة. وسننتهي من هذا العمل قريباً إن شاء الله.
أما إبراهيم، وهو فنان من أبناء المدينة المتطوعين في تنفيذ هذا العمل، فيقول: أردت أن أقدم شيئاً للثورة ولمدينتي وللشهداء، يكون مفيداً وجمالياً في ذات الوقت،
فقمنا باختيار جدران المدارس لتكون لوحات تضم أسماء شهداء المدينة، وقمنا بكتابة أسمائهم بألوان علم الثورة. ويتابع إبراهيم: لقد كنت أشعر بالفخر والإجلال وأنا أكتب أسماء الشهداء وأعرف أني لم ولن أوفيهم حقهم فهم قدوتنا، ولهم الفضل الأول في الثورة وفي تحرير البوكمال.
أما الخطاط محمد، وهو أيضاً من المشاركين في إنجاز هذا العمل، فيقول:
حاولت التركيز في لوحاتي على الحكم والعبارات ذات البعد الأخلاقي من خلال كتابة الآيات القرآنية والأحاديث والأقوال التي تهدف إلى نشر الوعي والتذكير بالقيم الأصيلة التي يتمتع بها مجتمعنا والدعوة إلى التمسك بها، فنحن بأمس الحاجة إلى العودة إلى هذه القيم للتخلص من آثار نظام الأسد الذي طال تخريبه لأخلاقنا وفطرتنا السورية الطيبة قبل الجدران والأبنية والشوارع. أما أمهات الشهداء فقد كان لرأيهن أهمية كبرى في هذا العمل، كيف لا وهن الصابرات المحتسبات على فراق الأحبة.
فها هي أم الشهيد حازم، أحد شهداء البوكمال الذي ارتقى وهو في ريعان الشباب، تحكي شعورها عن هذا العمل: حين رأيت أسماء الشهداء تكتب على جدران مدينة البوكمال شعرت بالسعادة والفخر، وأن هناك من يذكر حازم والشهداء ويجعل من أسمائهم أوسمة تزين جدران المدينة وأن دمائهم لم تذهب سدى وتصبح طي النسيان.
أسأل الله أن يحفظ كل الشباب والمقاتلين المرابطين الشجعان ويعيدهم سالمين منتصرين.