من الأرشيف البصري لمؤسسة بصمة
بين القصف والســرقة والتهريب... تاريــخ سورية في أيــدي اللصــوص والمجرميــن...
الآثار السورية.. 6 مواقع مهددة بالدمار
كان تقرير "اليونسكو" الصادر منذ أيام، بعد اجتماع "بنوم بنه" في كمبوديا، بمثابة ناقوس خطرٍ ينبّه كافة المؤسسات الثقافية والحضارية في العالم إلى المشهد الآثاري السوري. فقد جاء في التقرير أن هناك ستة مواقع أُثرية سورية كبرى مهددة بالدمار، وهي: "دمشق القديمة، حلب القديمة، المدن المنسية في حلب، بصرى، تدمر، قلعة الحصن". وتم التأكيد على أن الأخطر هي مواقع حلب بفعل العمليات الحربية في المدينة.
وبنظرة أكثر اتساعاً على مجمل المواقع الأثرية السورية، نجد أن التراث الوطني مهددٌ بالخطر، بل وأن الكثير من مرتكزات هذا التراث تعرضت لدمار جزئي أو كلي، ويعود السبب الأساسي في ذلك إلى اعتماد القلاع والمآذن والمدن القديمة كمراكز لتجمع قوات النظام السوري ومراصد لقناصته ومرابض لدباباته.
ويحدد علماء الآثار مجموعة من الأخطار التي تتهدد التراث السوري، تبدأ بالأعمال الحربية واتخاذ المواقع الأثرية كمراكز عسكرية، ولا تنتهي بالتنقيب السري وسرقة المتاحف. إذ لا يكتفي النظام بقصف القلاع، بل يغض النظر عن سرقة الآثار، التي تحصل في كثير من الأحيان أمام عينيه.
وهو ما جرى موثقاً في مدينة أفامية التي تتعرض للحفر السري، وتوجد فيها الآن أكثر من 5000 آلاف حفرة، مع العلم أنها تحت سيطرة النظام.
بينما نجد مواقع أخرى تعرضت لسلب بعض مكوناتها وتهريبها خارج القطر، وهو ما جرى في المدن المنسية بحلب، وفي مجموعة من المتاحف مثل متحف حماة، حيث تمت سرقة تمثال لإله آرامي من القرن الثامن قبل الميلاد مصنوع من البرونز ومغطى بالذهب، كما سرقت 18 دمية طينية من متحف قلعة جعبر على الفرات، بينما صادر الأمن اللبناني لوحات فسيفسائية مهربة من سورية بقصد بيعها لشبكات تهريب آثار عالمية. وتشير الإحصاءات إلى تعرّض أكثر من 12 متحفٍ للقصف والسرقة من بين 36 متحف في البلاد.
أما المواقع الأخرى التي تقع في المناطق المحررة، فتتعرض بدورها للنهب وعمليات التنقيب غير الشرعية. وهو ما يجري في موقع ماري عند البوكمال، حيث يقوم مجموعة من لصوص الآثار السوريين والعراقيين بالتنقيب.
ونقل مكتب أخبار سورية أنه تمت "سرقة معدات بعض بعثات التنقيب، مثل موقع دورا أروبوس على الفرات وتل سكا بريف دمشق، كما تم بناء أبنية سكنية في الحرم الأثري لبعض المواقع، مثل تل حمو كار في الحسكة وتل الأشعري في محافظة درعا". وهو ما يكمل صورة تعرّض كافة المناطق الأثرية السورية للأذيّة على مختلف المستويات.
وهنا، من الجدير بالذكر أن دماراً كاملاً حلّ ببعض المواقع الأثرية السورية بسبب قصف قوات النظام، مثل الجامع العمري في درعا، وكنيسة أم الزنار في حمص، ومئذنة الجامع الأموي في حلب، وبعض أسواق حلب القديمة، وتل النبي مندو في حمص، إضافة إلى أجزاء من أسوار قلعة المضيق وقلعة الحصن وبصرى.
ومن الجانب الرسمي، لم تصدر المديرية العامة للآثار أي تقرير يوضح حجم هذا الدمار، كما أنها تغضّ النظر عن الكثير من المواقع الواجب حمايتها. ومن جهة أخرى، فإن كتائب الجيش الحر، المسيطرة على الكثير من المناطق، لم تمتلك بعد القدرة على تشكيل مؤسسات لحماية تلك المواقع، فيما أتيح لتجار الآثار واللصوص العبث بالمواقع دون إجراءات واضحة من الإدارات العسكرية واللجان المحلية.
وبقيت الكثير من المواقع الأثرية بعيدة عن تناول الإعلام، فهناك قلاع وحصون ومتاحف لم يتم حتى الآن حصر الأضرار فيها، مثل قلعة سمعان، وقصر ابن وردان، ومتحف معرة النعمان، وإيبلا، وسواها.