طعنة داعش في ظهر حلب
داعش تعلن معركتها للسيطرة على ريف حلب الشماليّ، وتقصف مدينة مارع، مسقط رأس الشهيد عبد القادر الصالح، فيما تتلاحق منشورات الصفحات الحلبية المؤيدة للنظام، محتفيةً بهذا الهجوم بنشوةٍ مفرطةٍ تبزّ حتى حماسة أنصار داعش أنفسهم!
ما الذي يفعله هذا التنظيم حقاً؟!!!
لن نتورّط في تأكيد وجود التنسيق والعلاقة المباشرة بين داعش والنظام، وهو ما لم تقم عليه أدلةٌ قاطعة، وإن أشارت إليه حوادث ميدانيةٌ عديدةٌ، كما في تكامل قصف طيران الأسد لمدن وبلدات الريف الشماليّ لحلب مع هجوم التنظيم عليها الآن؛ ولكن الخدمة التي قدّمها هذا الهجوم لقوّات النظام المتهالكة ليست محلّ نقاش.
فمنذ انتصارات الثوّار في إدلب والأعين ترنو إلى حلب، التي شُكّلت فيها غرفة عملياتٍ خاصّةٍ لتحرير ما تبقى من أحياء مدينتها تحت سيطرة النظام. وعملت هذه الغرفة على جمع الفصائل وتوزيع المهامّ، ولم يكن الغطاء الإقليميّ والدوليّ بعيداً عنها. وقيل الكثير عن المؤازرة التي سيقدّمها جيش الفتح الإدلبيّ، أو فصائل وازنةٍ منه، لمعركة حلب المرتقبة، عند انتهائه من السيطرة على محافظته.
هكذا إذاً... فور تحرير أريحا أعلنت داعش هجومها على ريف حلب، لتستنزف جهود أبنائه الذين اضطرّوا إلى التوافد لتعزيز هذه الجبهة، مؤجلين معركتهم حتى تأمين ظهورهم من رصاصة الغدر الجاهزة دوماً في غرفة إطلاق داعش؛ في الرقة ودير الزور والقلمون واليرموك درعا وحلب... وفي كلّ مكانٍ تبدو فيه الثورة منتصرةً وقواتها تتقدّم.
تدرّك داعش أن نظام الأسد صار من التاريخ. ولذلك تتعامل معه كخرتيتٍ عملاقٍ نازفٍ ومحتضرٍ، تهاجمه ضباعها لتقتات منه ما يغذّي حروبها الخسيسة ضد الثوّار، من نفطٍ وغازٍ وذخيرةٍ غنمتها في تدمر لتنقلها إلى ريف حلب، متجنّبة جبهات حمص مع النظام وقوّات من تسمّيهم «الرافضة» في القلمون و«الملاحدة» في تلّ أبيض. فهدفها الملحّ الآن هو منع انتصار الثورة الذي لاحت معالمه بقوّةٍ في إدلب وكادت أن تثمر في حلب.
بهذا الهجوم تتفوّق داعش على نفسها في الدناءة. وتثبت لكلّ ذي قلبٍ سليمٍ أنها شرٌّ مطلقٌ على الثورة وعلى السوريين. ومن لم يصدّق بعدُ فليتابع أخبار هذه المعركة كما تنقلها الصفحات الموالية للأسد وحلفائه.